غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (277)

275

ثم ذكر الترغيب عقيب الترهيب على عادته من ذكر الوعد مع الوعيد فقال { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية . فاحتج به من قال العمل الصالح خارج عن مسمى الإيمان كما مر . وأجيب بأنه قال في الآية : { وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة } مع أن الصلاة والزكاة من الأعمال الصالحة . ورد بأن الأصل حمل كل لفظ على فائدة جديدة ترك العمل به عند التعذر فيبقى في غيره على الأصل { لهم أجرهم عند ربهم } لم يقل " على ربهم " لأن الأول يجري مجرى ما إذا باع بالنقد وذلك النقد حاضر متى شاء البائع أخذه ، والثاني جارٍ مجرى البيع في الذمة نسيئة ، ولا شك أن الأول أفضل { ولا خوف عليهم } عن ابن عباس : أي فيما يستقبلهم من أحوال القيامة { ولا هم يحزنون } بسبب ما تركوه في الدنيا ، فإن المنتقل من حال إلى حال أخرى فوقها ربما يتحسر على بعض ما فاته من الأحوال السالفة وإن كان مغتبطاً بالثانية لأجل إلف وعادة ، فبيّن تعالى أن هذا القدر من الندامة لا يلحق أهل الثواب والكرامة . وقال الأصم : لا خوف عليهم من عذاب يومئذٍ ولا هم يحزنون بسبب أنهم فاتهم النعيم الزائد الذي حصل لغيرهم من السعداء لأنه لا منافسة في الآخرة ، وأيضاً إنهم لا يحزنون بسبب إنه لم يصدر منا طاعة أزيد مما صدر حتى صرنا بها مستحقين بثواب أزيد مما وجدناه لأن هذه الخواطر لا توجد في الجنة . وههنا سؤال وهو أن المرأة إذا بلغت عارفة بالله ، ولما بلغت حاضت . وعند انقطاع حيضها ماتت . أو الرجل بلغ عارفاً بالله ، وقبل أن تجب عليه الصلاة والزكاة مات . فهما بالاتفاق من أهل الثواب مع خلوهما عن الأعمال ، فكيف وقف الله ههنا حصول الأجر على حصول الأعمال ؟ والجواب أن الموجبة الكلية لا تنعكس كنفسها ، وقد دلت الآية على أن كل مؤمن عمل صالحاً فله الأجر فلا يلزم العكس الكلي

/خ281