وهنا يحكى لنا القرآن ما أسرع بفعله موسى للرد على فرعون فقال : { فألقى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } : أى فألقى موسى عصاه التي كانت بيده أمام فرعون فإذا هى ثعبان مبين ، أى : ظاهر بين لاخفاء في كونه ثعباناً حقيقياً يسعى في خفة وسرعة كأنه جان .
والثعبان : الذكر العظيم من الحيات ، وقيل : إنه الحية مطلقا .
وذد ذكر بعض المفسرين روايات عن ضخامة هذا الثعبان وأحواله ، إلا أننا أضربنا عنها صفحا لضعفها .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : { ثُعْبَانٌ مُبِينٌ } الحية الذكر . وكذا قال السدي ، والضحاك .
وفي حديث " الفُتُون " ، من رواية يزيد بن هارون عن الأصْبَغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب ، عن{[11997]} سعيد بن جُبَيْر عن ابن عباس قال { فَأَلْقَى عَصَاهُ } فتحولت حية عظيمة فاغرة فاها ، مسرعة إلى فرعون ، فلما رآها فرعون أنها قاصدة إليه ، اقتحم عن سريره ، واستغاث بموسى أن يكفها [ عنه ]{[11998]} ففعل .
وقال قتادة : تحولت حية عظيمة مثل المدينة .
وقال السدي في قوله : { فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ } والثعبان : الذكر من الحيات ، فاتحة فاها ، واضعة لِحْيها ، الأسفل في الأرض ، والآخر على سور القصر ، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه . فلما رآها ذعر منها ، ووثب وأحدث ، ولم يكن يُحْدث قبل ذلك ، وصاح : يا موسى ، خذها وأنا أومن بك ، وأرسل معك بني إسرائيل . فأخذها موسى ، عليه السلام ، فعادت عصا .
وروي عن عكرمة عن ابن عباس نحو هذا .
وقال وَهْب بن مُنَبِّه : لما دخل موسى على فرعون ، قال له فرعون : أعرفك ؟ قال : نعم ، قال : { أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا } [ الشعراء : 18 ] ؟ قال : فرد إليه موسى الذي ردّ ، فقال فرعون : خذوه ، فبادره موسى { فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ } فحملت على الناس فانهزموا منها ، فمات منهم خمسة وعشرون ألفا ، قتل بعضهم بعضا ، وقام فرعون منهزما حتى دخل البيت .
رواه ابن جرير ، والإمام أحمد في كتابه " الزهد " ، وابن أبي حاتم . وفيه غرابة في سياقه{[11999]} والله أعلم .
{ فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين } ظاهر أمره لا يشك في أنه ثعبان وهو الحية العظيمة . روي : أنه لما ألقاها صارت ثعبانا أشعر فاغرا فاه بين لحييه ثمانون ذراعا ، وضع لحيه الأسفل على الأرض والأعلى على سور القصر . ثم توجه نحو فرعون فهرب منه وأحدث ، وانهزم الناس مزدحمين فمات منهم خمسة وعشرون ألفا ، وصاح فرعون يا موسى أنشدك بالذي أرسلك خذه وأنا أومن بك وأرسل معك بني إسرائيل فأخذه فعاد عصا .
وقوله تعالى : { فألقى عصاه } الآية ، روي أن موسى عليه السلام قلق به وبمحاورته فرعون فقال لأعوانه خذوه فألقى موسى العصا فصارت ثعباناً وهمت بفرعون فهرب منها ، وقال السدي : إنه أحدث وقال يا موسى كفه عني فكفه ، وقال نحوه سعيد بن جبير .
و «إذا » ظرف مكان في هذا الموضع عند المبرد من حيث كانت خبراً عن جثة ، والصحيح الذي عليه الناس أنها ظرف زمان في كل موضع ، ويقال : إن الثعبان وضع أسفل لحييه في الأرض وأعلاها في شرفات القصر ، والثعبان الحية الذكر ، وهو أهول وأجرأ ، قاله الضحاك ، وقال قتادة صارت حية أشعر ذكراً ، وقال ابن عباس : غرزت ذنبها في الأرض ورفعت صدرها إلى فرعون ، وقوله { مبين } معناه لا تخييل فيه بل هو بين أنه حقيقة ، وهو من أبان بمعنى بان أو من بان بمعنى سلب عن أجزائه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.