التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{فَأَلۡقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعۡبَانٞ مُّبِينٞ} (107)

قوله : { فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين } إذ ، للمفاجأة ، وهي بمنزلة ثمة وهناك ، وهي في محل رفع خبر . والمبتدأ ثعبان ؛ أي ألقى موسى عصاه على الأرض فانقلبت ثعبانا وهو الذكر من الحيات . وقوله { مبين } أي صارت حية بارزة ظاهرة مخوفة قد رآها من كان حولها عيانا من غير لبس في ذلك ولا شك . وهذه واحدة كبرى من جملة معجزات أوتيها موسى لتكون لفرعون آية عسى أن يدكر أو يهتدي أو يرشد .

وفيما يذكره كثيرون من علماء التفسير عن حال فرعون لما رأى العصا تنقلب ثعبانا ضخما ، لهو مثير للعجب ؛ فقد ذكروا أن هذا الطاغوت الكبير لما رأى الثعبان الهائل ، تملكه الذعر والهلع والارتباك وغشيته غاشية من الذعر والارتجاج ، فما لبث أن أحدث في ثيابه . لا جرم أن قصة كهذه تكشف لذوي العقول والنباهة من الناس أن هؤلاء الطواغيت الذين يسوسون الناس بالقهر والطغيان والجبروت ليسوا غير آحاد من الشخوص المزيفة الكاذبة الخاوية ، الشخوص المنتفخة انتفاخ المسلط المخادع المغرور ، الذي استحوذ على الناس بزيفه وخداعه وأكاذيبه حتى يتخيل الناس ووهموا أنه عظيم . وهو في ميزان الحقيقة والواقع ليس إلا صنما من البشر المموه الفارغ . البشر المتلصص الدجال الذي يصطنع لنفسه الشجاعة والبراعة وحسن السمت والمظهر والناس عنه في غفلة . ولو أردك الناس حقيقته عيانا لأيقنوا أنه جبان وأرعن وخسيس ومذعور وهم عنه غافلون ! .