الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَأَلۡقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعۡبَانٞ مُّبِينٞ} (107)

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { فألقى عصاه } قال : ذكر لنا أن تلك العصا عصا آدم ، أعطاه إياها ملك حين توجه إلى مدين ، فكانت تضيء له بالليل ويضرب بها الأرض بالنهار ، فيخرج له رزقه ويهش بها على غنمه ، قال الله عز وجل { فإذا هي ثعبان مبين } قال : حية تكاد تساوره .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن المنهال قال : ارتفعت الحية في السماء ميلاً ، فأقبلت إلى فرعون فجعلت تقول : يا موسى مرني بما شئت . وجعل فرعون يقول : يا موسى أسألك بالذي أرسلك قال : وأخذه بطنه .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لقد دخل موسى على فرعون وعليه زرمانقة من صوف ما تجاوز مرفقه ، فاستأذن على فرعون فقال : ادخلوه . فدخل فقال : إن ألهي أرسلني إليك . فقال للقوم حوله : ما علمت لكم من إله غيري خذوه . قال إني قد جئتك بآية { قال فائت بها إن كنت من الصادقين ، فألقى عصاه } فصارت ثعباناً ما بين لحييه ما بين السقف إلى الأرض ، وأدخل يده في جيبه فأخرجها مثل البرق تلتمع الأبصار فخروا على وجوههم ، وأخذ موسى عصاه ثم خرج ليس أحد من الناس إلا يفر منه ، فلما أفاق وذهب عن فرعون الروع قال للملأ حوله : ماذا تأمرون ؟ قالوا : أرجئه وأخاه لا تأتنا به ولا يقربنا ، وأرسل في المدائن حاشرين ، وكانت السحرة يخشون من فرعون ، فلما أسرع إليهم قالوا : قد احتاج إليكم إلهكم قال : إن هذا فعل كذا وكذا . قالوا : إن هذا ساحر يسحر ، أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين ؟ قال : ساحر يسحر الناس ولا يسحر الساحر الساحر ؟ قال : نعم وإنكم إذاً لمن المقربين .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحكم قال : كانت عصا موسى من عوسج ، ولم يسخر العوسج لأحد بعده .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : عصا موسى اسمها ماشا .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مسلم قال : عصا موسى هي الدابة يعني دابة الأرض .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله { فإذا هي ثعبان مبين } قال : الحية الذكر .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق معمر عن قتادة في قوله { فإذا هي ثعبان مبين } قال : تحوّلت حية عظيمة . قال معمر ، قال غيره : مثل المدينة .

وأخرج أبو الشيخ عن الكلبي قال : حية صفراء ذكر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب ابن منبه قال : كان بين لحيي الثعبان الذي من عصا موسى إثنا عشر ذراعاً .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن فرقد السبخي قال : كان فرعون إذا كانت له حاجة ذهبت به السحرة مسيرة خمسين فرسخاً ، فإذا قضى حاجته جاءوا به ، حتى كان يوم عصا موسى فإنها فتحت فاها فكان ما بين لحييها أربعين ذراعاً ، فأحدث يومئذ أربعين مرة .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله { فإذا هي ثعبان مبين } قال : الذكر من الحيات فاتحة فمها واضعة لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه ، فلما رآها ذعر منها ووثب فأحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك ، وصاح : يا موسى خذها وأنا أومن بك وأرسل معك بني إسرائيل . فأخذها موسى فصارت عصا .