لما طلب فرعون من موسى إقَامَةِ البَيِّنَةِ على صحَّةِ دعواه ، بين الله تعالى أنَّ معجزته كانت قلب العصا ثعباناً ، وإظهار اليد البيضاء .
" فإذَا " فجائية وقد تقدَّم أنَّ فيها مذاهبَ ثلاثةً :
وقال ابن عطية{[16647]} هنا : " وإذَا ظرف مكان في هذا الموضع عند المبرِّد{[16648]} من حيثُ كانت خبراً عن جثة ، والصَّحيحُ الذي عليه النَّاسُ أنَّهَا ظَرْفُ زَمَانٍ في كلِّ مَوْضِعٍ " .
قال شهابُ الدِّين{[16649]} : " والمشهورُ عند النَّاسِ قول المبردِ ، وهو مذهب سيبويه{[16650]} " .
وأمَّا كونها زماناً فهو مَذْهَبُ الرِّيَاشي ، وعُزِيَ لسيبويه أيضاً .
وقوله : " من حيث كانت خبراً عن جثَّة " ليست هي هنا خبراً عن جُثَّة ، بل الخبرُ عن " هي " لفظ " ثُعْبَان " لا لَفْظ " إذا " .
والثُّعْبَانُ هو ذَكَرُ الحيَّاتِ العظيم ، واشتقاقُه من ثَعَبْتُ المكان أي : فجَّرْتُه بالمَاءِ ، شُبِّه في انسيابه بانْسِيَابِ الماء ، يقال : ثَعَبْتُ الماءَ فجَّرْتُه فانْثَعَبَ . ومنه مَثْعَبُ المطر ، وفي الحديث : " جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَجَرْحُهُ يَثْعَبُ دماً " {[16651]}
فإن قيل إنَّهُ وصفها هنا بكونها ثُعْبَاناً ، وهو العظيمُ الهائل الخلق ، وفي موضع آخر يقول : { كَأَنَّهَا جَانٌ } [ النمل : 10 ] ، والجان من الحيَّاتِ الخفيف الضّئيل الخلق ، فكيف الجَمْعُ بين هاتين الصّفتين ؟
وقد أجاب الزَّمَخْشَرِيُّ في غير هذا المكان بجوابين :
أحدهما : أنَّهُ يجمع لها بين الشيئين : أي كبر الجُثَّةِ كالثُّعْبَانِ وبين خفَّةِ الحركة ، وسرعة المشي كالجَان .
والثاني : أنَّها في ابتداء أمرها تكون كالجَان ، ثمَّ يتعاظمُ ويتزايد خلقها إلى أن تصير ثُعْبَاناً .
وفي وصف الثُّعبانِ بكونه مُبيناً وجوه{[16652]} :
أحدها : أنُّهُ تمييز ذلك عمَّا جاءت به السَّحرَة من التمويه الذي يلتبسُ على من لا يعرف سببه .
وثانيها : أنَّهم شاهدوا كونه حيَّةً ، فلم يشتبه الأمر عليهم فيه .
وثالثها : أنَّ الثَّعبان أبان قول موسى عليه السلام عن قول المدعي لكاذب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.