المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدۡ ضَلُّواْ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (167)

167- إن الذين كفروا فلم يصدقوك ، ومنعوا الناس عن الدخول في دين الله ، قد بعدوا عن الحق بُعداً شديداً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدۡ ضَلُّواْ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (167)

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا }

لما أخبر عن رسالة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وأخبر برسالة خاتمهم محمد ، وشهد بها وشهدت ملائكته -لزم من ذلك ثبوت الأمر المقرر والمشهود به ، فوجب تصديقهم ، والإيمان بهم واتباعهم .

ثم توعد من كفر بهم فقال : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ } أي : جمعوا بين الكفر بأنفسهم وصدِّهم الناس عن سبيل الله . وهؤلاء هم أئمة الكفر ودعاة الضلال { قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا } وأي ضلال أعظم من ضلال من ضل بنفسه وأضل غيره ، فباء بالاثنين ورجع بالخسارتين وفاتته الهدايتان ، ولهذا قال : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدۡ ضَلُّواْ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (167)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ما عليه الكافرون من ضلال وخسران ، وما سيصير إليه حالهم يوم القيامة من ذل ومهانة ، ووجه إلى الناس جميعا نداء أمرهم فيه بالإِيمان وترك الكفر والعصيان فقال - تعالى - : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ . . . عَلِيماً حَكِيماً } .

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا ( 167 ) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا ( 168 ) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ( 169 ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ( 170 )

وقوله : { وَصَدُّواْ } من الصد بمعنى المنع والانصراف عن الشئ .

قال الراغب : والصد قد يكون انصرافا عن الشئ وامتناعا نحو : { يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } وقد يكون صرفا ومنعا نحو : { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل } والمعنى : إن الذين كفروا بالحق الذى جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم { وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله } أى : وأعرضوا عن الطريق الذى أمر الله بسلوكه وهو طريق الإِسلام ولم يكتفوا بذلك بل منعوا غيرهم أيضا عن سلوكه .

إنهم بفعلهم هذا { قَدْ ضَلُّواْ ضلالا بَعِيداً } أى : قد ضلوا - بسبب كفرهم وصدهم أنفسهم والناس عن الحق - ضلالا بلغ الغاية فى الشدة والشناعة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدۡ ضَلُّواْ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (167)

148

وعندئذ يجيء التهديد الرعيب للمنكرين في موضعه ، بعد شهادة الله - سبحانه - وشهادة الملائكة بكذبهم وتعنتهم والتوائهم .

( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا . إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا . وكان ذلك على الله يسيرًا ) . .

إن هذه الأوصاف وهذه التقريرات - مع كونها عامة - تنطبق أول ما تنطبق ، على حال اليهود ، وتصور موقفهم من هذا الدين وأهله ؛ بل من الدين الحق كله ؛ سواء منهم من عاصروا فجر الدعوة في المدينة ، أو من سبقوهم منذ أيام موسى عليه السلام أو من جاءوا بعدهم إلى يومنا هذا - إلا القلة النادرة المستثناة من الذين فتحوا قلوبهم للهدى فهداهم الله .

وهؤلاء - وكل من ينطبق عليهم وصف الكفر والصد - قد ضلوا ضلالا بعيدا . ضلوا عن هدى الله ؛ وضلوا طريقهم القويم في الحياة . ضلوا فكرا وتصورا واعتقادا ؛ وضلوا سلوكا ومجتمعا وأوضاعا . ضلوا في الدنيا وضلوا في الآخرة . ضلوا ضلالا لا يرتجى معه هدى . . ( ضلوا ضلالا بعيدًا ) . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدۡ ضَلُّواْ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (167)

يجوز أن يكون المراد بالذين كفروا هنا أهل الكتاب ، أي اليهود ، فتكون الجملة بمنزلة الفذلكة للكلام السابق الرّادّ على اليهود من التحاور المتقدّم . وصدُّهم عن سبيل الله يحتمل أن يكون من صَدّ القاصر الذي قياس مضارعه يصِدّ بكسر الصاد ، أي أعرضوا عن سبيل الله . أي الإسلام ، أو هو من صَدّ المتعدي الذي قياس مضارعه بضمّ الصاد ، أي صدّوا النّاس . وحذف المفعول لقصد التكثير . فقد كان اليهود يتعرّضون للمسلمين بالفتنة ، ويقوون أوهام المشركين بتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يكون المراد بالذين كفروا المشركين ، كما هو الغالب في إطلاق هذا الوصف في القرآن ، فتكون الجملة استئنافاً ابتدائياً ، انتقل إليه بمناسبة الخوض في مناواة أهل الكتاب للإسلام . وصدّهم عن سبيل الله ، أي صدّهم النّاس عن الدخول في الإسلام مشهور .

والضلال الكفر لأنّه ضياع عن الإيمان ، الذي هو طريق الخير والسعادة ، فإطلاق الضلال على الكفر استعارة مبنيَّة على استعارة الطريق المستقيم للإيمان . ووصف الضلال بالبعيد مع أنّ البعد من صفات المسافات هو استعارة البعد لشدّة الضلال وكماله في نوعه ، بحيث لا يدرك مقداره ، وهو تشبيه شائع في كلامهم : أن يشبّهوا بلوغ الكمال بما يدلّ على المسافات والنهايات كقولهم : بَعيد الغور ، وبعيد القعر ، ولا نهاية له ، ولا غاية له ، ورجل بعيد الهمّة ، وبعيد المرمَى ، ولا منتهى لكبارها ، وبحر لا ساحل له ، وقولهم : هذا إغراق في كذا .

ومن بديع مناسبته هنا أنّ الضلال الحقيقي يكون في الفيافي والموامِي ، فإذا اشتدّ التيه والضلال بَعُدَ صاحبه عن المعمور ، فكان في وصفه بالبعيد تعاهد للحقيقة ، وإيماء إلى أنّ في إطلاقه على الكفر والجهل نقلاً عرفياً .