اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدۡ ضَلُّواْ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (167)

قوله - تعالى - : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } الآية والجمهورُ على " وَصَدُّوا " مبنيًّا للفاعل ، وقرأ{[10380]} عكرمة وابن هُرْمُزٍ : " وَصُدُّوا " مبنيًّا للمفعول ، وهما واضحتانِ ، وقد قرئ بهما في المتواترِ في قوله : { وَصُدُّواْ } [ الرعد : 33 ] في الرعْد ، و{ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ } [ غافر : 37 ] في غافر .

والمراد كَفَرُوا بقوْلِهِم : لو كان رَسُولاً ، لأتى بِكِتَابٍ دَفْعَةً واحِدَةً من السَّماءِ ؛ كما أنْزِلَت التوراة على مُوسَى ؛ وقولهم : إنَّ الله - تعالى - ذكر في التَّوْرَاةِ ؛ أنَّ شَريعَة موسى لا تُبَدَّلُ ولا تُنْسَخُ إلى يَوْمِ القيامَةِ ، وقولهم : إنَّ الأنْبِيَاء لا يَكُونُون إلاَّ مِنْ وَلَد هَارُونَ وَدَاوُد ، وصَدِّهم عن سَبيلِ اللَّهِ : بِكِتْمَان نَعْت مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم .

{ قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِيداً } ، إلا أنَّ أشدَّ النَّاس ضلالاً من كَان يَعْتَقِدُ في نَفْسِهِ أنَّه مُحِقٌّ ، ثم يَتَوَسَّلُ بذلك الضَّلال إلى اكْتِسَابِ المالِ والجَاهِ ، ثم يَبْذُلَ جَهْدَهُ في إلْقَاءِ غيره في مِثْلِ ذلِك الضَّلالِ ، فهذا قَدْ بَلَغَ في الضَّلاَلِ إلى أقْصَى الغَايَاتِ .


[10380]:ينظر: المحرر الوجيز 2/138، والبحر المحيط 3/416، والدر المصون 2/467.