التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدۡ ضَلُّواْ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا} (167)

قوله تعالى : ( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما ) .

ذلك حكم من الله عام في الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله . ويتسع الحكم في الذين كفروا ليتناول الكافرين جميعا ، سواء منهم المشركون أو أهل الكتاب أو الملحدون ، وهؤلاء كافرون مخالفون عن أمر الله ومعادون للإسلام بكل أسباب العداء وطرقه وأساليبه وإذا اختلط الكفر بالصد عن سبيل الله فقد اكتملت الجريمة وازدادت فظاعة وعتوّا وذلك شأن الظالمين والكافرين اللّد الذين يقفون في وجه الإسلام ؛ ليصدوا عنه صدودا ، وليواجهوا أتباعه والداعين إليه بالصد . وفي الصد تعميم وشمول يتناول كل وجوه التحدي والردع وكل ضروب الكيد والمعاداة وكل صور التشكيك والتعذيب والتشويه فيما يرد الناس عن دين الله ويثنيهم عن اتباع منهج الحق ، منهج الإسلام .

ولا يبوء بهذه الجريمة المزدوجة ( الكفر والصد ) إلا الذين يضلّون ضلالا بعيدا . أي بعدوا عن الهداية والخير بعدا عظيما ، وهو بعد غائر سحيق يهوي بالكافرين الصادّين في أطواء الضلالة وأغوار التيه ليبوءوا بالهلاك والخسران .