{ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ } الذي صدر منه ، وأكرمه اللّه بأنواع الكرامات ، فقال : { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى } أي : منزلة عالية ، وقربة منا ، { وَحُسْنَ مَآبٍ } أي : مرجع .
وهذا الذنب الذي صدر من داود عليه السلام ، لم يذكره اللّه لعدم الحاجة إلى ذكره ، فالتعرض له من باب التكلف ، وإنما الفائدة ما قصه اللّه علينا من لطفه به وتوبته وإنابته ، وأنه ارتفع محله ، فكان بعد التوبة أحسن منه قبلها .
واسم الإِشارة فى قوله - تعالى - : { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ . . } يعود إلى الظن الذى استغفر منه ربه ، وهو ظنه بأن حضور الخصمين إليه بهذه الطريقة غير المألوفة ، القصد منها الاعتداء عليه ، فلما ظهر له أنهما حضرا إليه فى خصومه بينهما ليحكم فيها ، استغفر ربه من ذلك الظن السابق ، فغفر الله - تعالى - له .
فقوله : - تعالى - : { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ } أى : فغفرنا له ذلك الظن الذى استغفر منه . . { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى } أى : لقربه منا ومكانه سامية { وَحُسْنَ مَآبٍ } أى : وحسن مرجع فى الآخرة وهو الجنة .
( فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ) . . وخاضت بعض التفاسير مع الإسرائيليات حول هذه الفتنة خوضاً كبيراً . تتنزه عنه طبيعة النبوة . ولا يتفق إطلاقاً مع حقيقتها . حتى الروايات التي حاولت تخفيف تلك الأساطير سارت معها شوطاً . وهي لا تصلح للنظر من الأساس . ولا تتفق مع قول الله تعالى : ( وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ) . .
واسم الإِشارة في قوله : { فغفرنا له ذلك } إلى ما دلت عليه خصومة الخصمين من تمثيل ما فعله داود بصورة قضية الخصمين ، وهذا من لطائف القرآن إذ طوى القصة التي تمثَّل له فيها الخصمان ثم أشار إلى المطوي باسم الإِشارة ، وأتبع الله الخبر عن الغفران له بما هو أرفع درجة وهو أنه من المقرّبين عند الله المرضيّ عنهم وأنه لم يوقف به عند حد الغفران لا غير . والزلفى : القربى ، وهو مصدر أو اسم مصدر . وتأكيد الخبر لإِزالة توهم أن الله غضب عليه إذ فتنه تنزيلاً لمقام الاستغراب منزلة مقام الإِنكار .
والمئاب : مصدر ميمي بمعنى الأوْب . وهو الرجوع . والمراد به : الرجوع إلى الآخرة . وسمي رجوعاً لأنه رجوع إلى الله ، أي إلى حكمة البحْت ظاهراً وباطناً قال تعالى : { إليه أدعو وإليه مئاب } [ الرعد : 36 ] .
وحسن المئاب : حسن المرجع ، وهو أن يرجع رجوعاً حسناً عند نفسه وفي مرأى الناس ، أي له حسن رجوع عندنا وهو كرامة عند الله يوم الجزاء ، أي الجنة يؤوب إليها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.