بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (25)

يقول الله عز وجل : { فَغَفَرْنَا لَهُ ذلك } يعني : ذنبه { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى } لقربة { وَحُسْنُ مَآبٍ } أي : المرجع في الآخرة . وروي أن كاتباً كان يكتب قوله تعالى : { وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } وكان تحت شجرة ، فقرأها ، وكتبها ، فخرت الشجرة ساجدة لله تعالى ، وهي تقول : اللهم اغفر بها ذنباً ، وخرت الدواة ساجدة كذلك ، وهي تقول اللهم : احطط عني بها وزراً . وكذلك الصحيفة التي في يده ، وهي تقول : اللهم أحدث مني بها شكراً . وعن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله رأيتني الليلة ، وأنا نائم ، كأني أصلي خلف الشجرة ، فقرأت السجدة فسجدتُّ فسجدت الشجرة لسجودي ، فسمعتها وهي تقول : اللهم اكتب لي بها عندك أجراً ، وضع عني بها وزراً ، واجعلها لي عندك ذخراً ، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود . قال ابن عباس فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم آية سجدة ، ثم سجد فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة . وأيضاً سئل ابن عباس عن سجدة { ص } من أين سجدت . قال : أما تقرأ هذه الآية : { وَمِن ذُرّيَّتِهِ دَاودُ وسليمان } ، ثم قال : { أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذكرى للعالمين } [ الأنعام : 90 ] فكان داود ممن أمر نبيكم أن يقتدي به ، فسجدها داود ، فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتداءً به .