فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ} (25)

ثم أخبر سبحانه أنه قبل استغفاره وتوبته فقال :{ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ . . . . }

الذنب الذي استغفر منه قال عطاء الخرساني وغيره إن داود بقي ساجدا أربعين يوما حتى نبت الرعي حول وجهه ، وغمر رأسه قال ابن الأنباري : الوقف على قوله : ذلك تام . ثم يبدأ الكلام بقوله .

{ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ } والزلفى القربة والكرامة بعد المغفرة لذنبه ، قال مجاهد الزلفى الدنو من الله عز وجل يوم القيامة والمراد بحسن المآب حسن المرجع وهو الجنة .

وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه ذكر يوم القيامة فعظم شأنه وشدته قال : ويقول الرحمن عز وجل لداود عليه السلام : مر بين يدي ، فيقول داود : يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي ، خذ بقدمي ، فيأخذ بقدمه عز وجل فيمر قال فتلك الزلفى التي قال الله { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ } .

وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه قال في السجود في { ص } ليست من عزائم السجود وقد ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ) وأخرج النسائي وابن مردويه بسند جيد عنه أيضا ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في { ص } وقال : سجدها داود توبة ونسجدها شكرا .

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في { ص } وعن أنس مثله مرفوعا ، أخرجه ابن مردويه وأخرج الدرامي وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي سعيد قال ( قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر { ص } فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ؛ فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود فقال إنما هي توبة ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود فنزل فسجد } .