ولما كان الحال قد يشكل في الإخبار عن المغفرة لو عبر بضمير الغائب لإيهام أن ربه غير المتكلم ، وكان الغفران لا يحسن إلا مع القدرة ، عاد إلى مظهر العظمة إثباتاً للكمال ونفياً للنقص : فقال : { فغفرنا } أي بسبب ذلك وفي أثره على عظمتنا وتمام قدرتنا غفراً يناسب مقداره ما لنا من العظمة { له ذلك } أي الوقوع في الحديث عن إسناد الظلم إلى أحد بدون سماع لكلامه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه سبحانه لأجل هذه القصة أن كل من سبه أو دعا عليه وليس أهلاً لذلك أن يكون ذلك له صلاة وبركة ورحمة ، والحاصل أن هذه القضية لتدريب النبي صلى الله عليه وسلم على الصبر على قومه ، والثاني فإن هذه السورة على ما روي عن جابر بن زيد من أوائل ما أنزل بمكة ، وعلى هذا دل الحديث السابق عن ابن عباس رضي الله عنهما في شكوى المشركين منه صلى الله عليه وسلم إلى عمه أبي طالب الوقوع في آلهتهم فإنه كان في أوائل الأمر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما دعاهم لم يؤمر بذكر آلهتهم فلم يجيبوه ولم يبعدوا عنه كل البعد ، ثم أمره الله بذكر ألهتهم فناكروه حينئذ وباعدوه ، وتقدموا ذلك بالشكوى إلى أبي طالب مرة بعد أخرى ليرده عنه ، فكانت هذه الدعوى تدريباً لداود عليه السلام في الأحكام ، وذكرها للنبي صلى الله عليه وسلم تدريباً له على الأناة في جميع أموره على الداوم .
ولما كان ذكر هذا ربما أوهم شيئاً في مقامه صلى الله عليه وسلم ، سيق في أسلوب التأكيد قوله : { وإن له } أي مع الغفران ، وعظم ذلك بمظهر العظمة لأن ما ينسب إلى العظيم لا يكون إلا عظيماً فقال : { عندنا } وزاد في إظهار الاهتمام بذلك نفياً لذلك الذي ربما توهم ، فأكد قوله : { لزلفى } أي قربة عظيمة ثابتة بعد المغفرة { وحسن مآب * } أي مرجع في كل ما يؤمل من الخير ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.