وفي قوله : { وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } الدليل على إحياء الله الموتى ، فإنه قدير على كل شيء{[422]} ، ومن جملة الأشياء إحياء الموتى ، وقد أخبر بذلك وهو أصدق القائلين ، فيجب وقوع ذلك عقلا ونقلا .
وقوله - سبحانه - { إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } تحذير آخر لهم ، إثر التحذير من الإِعراض عما جاهءم به نبيهم - صلى الله عليه وسلم - .
والمرجع : مصدر ميمى بمعنى الرجوع الذى لا انفكاك لهم منه ، ولا محيد لهم عنه .
أى : إلى الله - تعالى - وحده رجوعكم مهما طالت حياتكم ، ليحاسبكم على أعمالكم ، ويجازيكم عليها بما تستحقونه من جزاء ، وهو - سبحانه - على كل شيء قدير ، لا يعجزه أمر ولا يحول بينه وبين نفاذ إرادته حائل .
وما دام الأمر كذلك ، فأخلصوا لله العبادة ، واستغفروا ثم توبوا إليه لتظفروا بالسعادة العاجلة والآجلة .
{ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ } أي : معادكم يوم القيامة ، { وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي : وهو القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه ، وانتقامه من أعدائه ، وإعادة{[14477]} الخلائق يوم القيامة ، وهذا مقام الترهيب ، كما أن الأول مقام ترغيب .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
يقول تعالى ذكره : إلى الله أيها القوم ما بكم ومصيركم ، فاحذروا عقابه إن توليتم عما أدعوكم إليه من التوبة إليه من عبادتكم الاَلهة والأصنام ، فإنه مخلدكم نار جهنم إن هلكتم على شرككم قبل التوبة إليه . وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يقول : وهو على إحيائكم بعد مماتكم ، وعقابكم على إشراككم به الأوثان وغير ذلك مما أراد بكم وبغيركم قادر .
جملة في موضع التعليل للخوف عليهم ، فلذلك فصلت . والمعنى : أنكم صائرون إلى الله ، أي إلى قدرته غير منفلتين منه فهو مجازيكم على تولّيكم عن أمره .
فالمرجع : مصدر ميمي بمعنى الرجوع . وهو مستعمل كناية عن لازمه العرفي وهو عدم الانفلات وإن طال الزمن ، وذلك شامل للرجوع بعد الموت . وليس المراد إياه خاصة لأن قوله : { وهو على كل شيء قدير } أنسب بالمصير الدنيوي لأنه المسلّم عندهم ، وأما المصير الأخروي فلو اعترفوا به لما كان هنالك قوي مقتض لزيادة { وهو على كل شيء قدير } .
وتقديم المجرور على عامله للاهتمام والتقوي ، وليس المراد منه الحصر إذ هم لا يحسبون أنهم مرجعون بعد الموت بله أن يرجعوا إلى غيره .
وجملة : { وهو على كل شيء قدير } معطوفة على جملة : { إلى الله مرجعكم } ، أي فما ظنكم برجوعكم إلى القادر على كل شيء وقد عصيتُم أمره أليس يعذبكم عذاباً كبيراً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.