السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (4)

{ إلى الله مرجعكم } أي : رجوعكم في ذلك اليوم فيثيب المحسن على إحسانه ، ويعاقب المسيء على إساءته { وهو على كل شيء قدير } أي : قادر على جميع المقدورات لا دافع لقضائه ولا مانع لمشيئته ، ومنه الثواب والعقاب ، وفي ذلك دلالة على قدرة عالية وجلالة عظيمة لهذا الحاكم وعلى ضعف لهذا العبد ، والملك القاهر العالي إذا رأى عاجزاً مشرفاً على الهلاك فإنه يخلصه من الهلاك ، ومنه المثل المشهور : ملكت فأسحج ، أي : فاعف ، يقول مصنف هذا الكتاب : قد أفنيت عمري في خدمة العلم ومطالعة الكتب ولا رجاء لي في شيء إلا أني في غاية الذلة والقصور . والكريم إذا قدر عفا . فأسألك يا أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين وساتر عيوب المعيوبين أن تفيض سجال رحمتك عليّ وعلى والديّ وأولادي وإخواني وأحبابي ، وأن تخصني وإياهم بالفضل والتجاوز والجود والكرم .