وقوله : { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } أى : وأنه - تعالى - بقدرته وحدها ، هو الذى أحيا من يريد إحياءه من مخلوقاته ، وأمات من يريد إماتته منهم .
وهذا رد على أولئك الجاهلين الذين أنكروا ذلك ، وقالوا - كما حكى القرآن عنهم - { . . . مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر . . . }
وكذلك تنبثق من هذا النص صور لا عداد لها في الحس .
أمات وأحيا . . أنشأ الموت والحياة ، كما قال في سورة أخرى : ( الذي خلق الموت والحياة ) . وهما أمران معروفان كل المعرفة بوقوعهما المتكرر . ولكنهما خافيان كل الخفاء حين يحاول البشر أن يعرفوا طبيعتهما وسرهما الخافي على الأحياء . . فما الموت ? وما الحياة ? ما حقيقتهما حين يتجاوز الإنسان لفظهما وشكلهما الذي يراه ? كيف دبت الحياة في الكائن الحي ? ما هي ? ومن أين جاءت ? وكيف تلبست بهذا الكائن فكان ? وكيف سارت في طريقها الذي سارت فيه بهذا الكائن أو بهذه الكائنات الأحياء ? وما الموت ? وكيف كان . . قبل دبيب الحياة . وبعد مفارقتها للأحياء ? إنه السر الخافي وراء الستر المسبل ، بيد الله !
أمات وأحيا . . وتنبثق ملايين الصور من الموت والحياة . في عوالم الأحياء كلها . في اللحظة الواحدة . في هذه اللحظة . كم ملايين الملايين من الأحياء ماتت . وكم ملايين الملايين بدأت رحلة الحياة . ودب فيها هذا السر من حيث لا تعلم ومن حيث لا يعلم أحد إلا الله ! وكم من ميتات وقعت فإذا هي ذاتها بواعث حياة ! وكم من هذه الصور يتراءى على مدار القرون ، حين يستغرق الخيال في استعراض الماضي الطويل ، الذي كان قبل أن يكون الإنسان كله على هذا الكوكب . وندع ما يعلمه الله في غير هذا الكوكب من أنواع الموت والحياة التي لا تخطر على بال الإنسان !
إنها حشود من الصور وحشود ، تطلقها هذه الكلمات القلائل ، فتهز القلب البشري من أعماقه . فلا يتمالك نفسه ولا يتماسك تحت إيقاعاتها المنوعة الأصداء !
القول في تأويل قوله تعالى : { وَأَنّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنّهُ خَلَقَ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ * مِن نّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىَ * وَأَنّ عَلَيْهِ النّشْأَةَ الاُخْرَىَ } .
يقول تعالى ذكره : وأنه هو أمات من مات من خلقه ، وهو أحيا من حيي منهم . وعنى بقوله : أحْيا نفخ الروح في النطفة الميتة ، فجعلها حية بتصييره الروح فيها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.