وقوله : { الذين آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } استئناف مسوق لتوضيح حقيقتهم فكأن سائلا قال : ومن هم أولياء الله ؟ فكان الجواب هم الذين توفر فيهم الإِيمان الصادق ، والبعد التام عن كل ما نهى الله - تعالى - عنه .
وعبر عن إيمانهم بالفعل الماضي ، للإِشارة إلى أنه إيمان ثابت راسخ . لا تزلزله الشكوك ، ولا تؤثر فيه الشبهات .
وعبر عن تقواهم بالفعل الدال على الحال والاستقبال للإِيذان بأن اتقاءهم وابتعادهم عن كل ما يغضب الله من الأقوال والأفعال ، يتجدد ويستمر دون أن يصرفهم عن تقواهم وخوفهم منه - سبحانه - ترغيب وترهيب .
القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتّقُونَ } .
يقول تعالى ذكره : الذين صدّقوا الله ورسوله ، وما جاء به من عند الله ، وكانوا يتقون الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه . وقوله : الّذِينَ آمَنُوا من نعت الأولياء . ومعنى الكلام : ألا إن أولياء الله الذين آمنوا وكانوا يتقون ، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
فإن قال قائل : فإذ كان معنى الكلام ما ذكرت عندك أفي موضع رفع «الذين آمنوا » أم في موضع نصب ؟ قيل : في موضع رفع ، وإنما كان كذلك وإن كان من نعت الأولياء لمجيئه بعد خبر الأولياء ، والعرب كذلك تفعل خاصة في «إنّ » ، إذا جاء نعت الاسم الذي عملت فيه بعد تمام خبره رفعوه ، فقالوا : إنّ أخاك قائم الظريف ، كما قال الله : قُلْ إنّ رَبّي يَقْذِفُ بالحَقّ عَلاّمُ الغُيُوبِ وكما قال : إنّ ذلكَ لَحَقّ تَخاصُمُ أهْلِ النّارِ .
وقد اختلف أهل العربية في العلة التي من أجلها قيل ذلك كذلك ، مع أن إجماع جميعهم على أن ما قلناه هو الصحيح من كلام العرب وليس هذا من مواضع الإبانة عن العلل التي من أجلها قيل ذلك كذلك .
وقوله { الذين آمنوا } يصح أن يكون في موضع نصب على البدل من الأولياء ، ويصح أن يكون في موضع رفع على الابتداء على تقديرهم الذين ، وكثيراً ما يفعل ذلك بنعت ما عملت فيه «أن » إذا جاء بعد خبرها ، ويصح أن يكون { الذين } ابتداء وخبره في قوله { لهم البشرى } ، وقوله { وكانوا يتقون } لفظ عام في تقوى الشرك والمعاصي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.