السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} (63)

وفسرهم بقوله تعالى : { الذين آمنوا وكانوا يتقون } الله بامتثال أمره ونهيه ، وهذا الذي فسر الله تعالى به الأولياء لا مزيد عليه . وعن علي رضي الله عنه : هم قوم صفر الوجوه من السهر ، عمش العيون من العبر ، خمص البطون من الخوا . وعن سعيد بن جبير أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل من أولياء الله تعالى ؟ فقال : «هم الذين يذكر الله برؤيتهم » يعني السمت والهيئة . وعن ابن عباس : الإخبات والسكينة . وعن عمر رضي الله تعالى عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إنّ من عباد الله عباداً ما هم بأنبياء ولا شهداء تغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله ، قالوا : يا رسول الله أخبرنا من هم ؟ وما أعمالهم ؟ فلعلنا نحبهم ، قال : هم قوم تحابوا في الله بغير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إنّ وجوههم لنور ، وإنهم لعلى منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس » ثم قرأ الآية . ونقل النووي في مقدمة «شرح المهذب » عن الإمامين الشافعيّ وأبي حنيفة رضي الله تعالى عنهما أنّ كلاً منهما قال : إذا لم تكن العلماء أولياء لله فليس لله وليّ . وذلك في العالم العامل بعلمه . وقال القشيري : من شرط الوليّ أن يكون محفوظاً كما أن من شرط النبيّ أن يكون معصوماً ، فكل من كان للشرع عليه اعتراض فهو مغرور مخادع . فالوليّ هو الذي توالت أفعاله على الموافقة .