يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل ملائكته : وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ لله لعبادته وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ له ، يعني بذلك المصلون له . وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال به أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عليّ بن الحسن بن شفيق المَرْوَزِيّ ، قال : حدثنا أبو معاذ الفضل بن خالد ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك بن مُزَاحم يقول قوله : وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ كان مسروق بن الأجدع ، يروي عن عائشة أنها قالت : قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : «ما فِي السّماءِ الدّنْيا مَوْضِعُ قَدَمٍ إلاّ عَلَيْهِ مَلَكٌ ساجِدٌ أوْ قَائِمٌ » ، فذلك قول الله : وَما مِنّا إلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ .
حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسورق ، قال : قال عبد الله : إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملَك أو قدمه قائما قال : ثم قرأ : وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ وإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضّحَى عن مسروق عن عبد الله ، قال : إن من السموات سماءً ما فيها موضع إلا فيه ملَك ساجد ، أو قدماه قائم ، ثم قرأ : وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا الجريري ، عن أبي نضرة ، قال : كان عمر إذا أُقيمت الصلاة أقبل على الناس بوجهه ، فقال : يا أيها الناس استَوُوا ، إن الله إنما يريد بكم هَدْيّ الملائكة وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ اسْتَوُوا ، تقدّم أنت يا فلان ، تأخر أنت أي هذا ، فإذا استَوُوا تقدّم فكبر .
حدثني موسى بن عبد الرحمن ، قال : ثني أبو أُسامة ، قال : ثني الجريري سعيد بن إياس أبو مسعود ، قال : ثني أبو نضرة ، كان عمر إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه ، ثم قال : أقيموا صفوفكم واستووا فإنما يُريد الله بكم هدي الملائكة ، يقول : وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ ثم ذكر نحوه .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ قال : يعني الملائكة وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ قال : الملائكة صافون تسبّح لله عزّ وجلّ .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ قال : الملائكة .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة وإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ قال : الملائكة .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَإنّا لَنَحْنُ الصّافُونَ قال : صفوف في السماء وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ : أي المصلون ، هذا قول الملائكة يثنون بمكانهم من العبادة .
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : وَإنا لَنَحْنُ الصّافُونَ قال : للصلاة .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط عن السديّ ، قال : وذكر السديّ ، عن عبد الله ، قال : ما في السماء موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه ، ساجدا أو قائما أو راكعا ، ثم قرأ هذه الاَية وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ وَإنّا لَنَحْنُ المُسَبّحُونَ .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَإنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ قال : الملائكة ، هذا كله لهم .
و { الصافون } معناه الواقفون صفوفاً ، و { المسبحون } يحتمل أن يريد به الصلاة ، يحتمل أن يريد به قول سبحان الله ، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان إذا أقيمت الصلاة صرف وجهه إلى الناس فيقول لهم : عدلوا صفوفكم وأقيموها فإن الله تعالى إنما يريد بكم هدي الملائكة ، فإنها تقول { وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون } ، ثم يرى تقويم الصفوف ، وعند ذلك ينصرف ويكبر ، قال الزهراوي : قيل إن المسلمين إنما اصطفوا منذ نزلت هذه الآية ، ولا يصطف أحد من أهل الملل غير المسلمين .
والمراد بالمسبحين المنزّهون لله تعالى عن أن يتخذ ولداً أو يكون خلق صهراً له أو صاحبة خلافاً لشرككم إذ عبادتكم مُكاء وتصدية وخلافاً لكفركم إذ تجعلون له صواحب وبنات وأصهاراً . وحذف متعلق { الصَّافون . . . المسبحون } لدلالة قوله { ما أنتم عليه بفاتنينَ } [ الصافات : 162 ] عليه ، أي الصافّون لعبادته المسبّحون له ، فإن الكلام في هذه الآيات كلها متعلق بشؤون الله تعالى . وتعريف جزأي الجملة ، وضميرُ الفصل من قوله : { لنَحْنُ } يفيدان قصراً مؤكداً فهو قصر قلب ، أي دون ما وصفتموه به من البنوّة لله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.