فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلۡمُسَبِّحُونَ} (166)

{ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ } : أي المنزهون لله المقدسون له عما أضافه إليه المشركون ، وقيل : المصلون ، وقيل : المراد بقولهم ( المسبحون ) مجموع التسبيح باللسان وبالصلاة ، والمقصود : أن هذه الصفات هي صفات الملائكة ، وليسوا كما وصفهم به الكفار من أنهم بنات الله .

وعن ابن عباس قال : هذه الملائكة وعن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم ) وذلك قول الملائكة { وما منا إلا له مقام معلوم ، وإن لنحن الصافون } أخرجه ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه وغيرهم .

وعن العلاء ابن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه : ( أطت السماء وحق لها أن تئط ، ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد ، ثم قرأ : وإنا لنحن الصافون ، وإنا لنحن المسبحون ) أخرجه محمد بن نصر وابن عساكر .

وعن ابن مسعود قال : ( إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك أو قدماه قائما أو ساجدا ، ثم قرأ : وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون .

وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، إن السماء أطت وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله ) ، قيل : الأطيط أصوات الأقتاب ، وقيل : أصوات الإبل وحنينها .

وقد ثبت في الصحيح وغيره : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بأن يصفوا كما تصف الملائكة عند ربهم ، فقالوا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم ؟ قال : يقيمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف ) . قال القرطبي : قال مقاتل : هذه الآيات الثلاث نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى ، فتأخر جبريل فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أهنا تفارقني ؟ فقال جبريل : ما أستطيع أن أتقدم عن مكاني هذا . وأنزل الله حكاية عن قول الملائكة : { وما منا إلا له مقام معلوم } إلى آخرها ) .