المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (70)

70- ولكنهم مع هذه الدعوة بالحسنى قالوا مستغربين : أجئتنا لتدعونا إلى عبادة الله - وحده - وترك ما كان يعبد آباؤنا من الأصنام ؟ وإنا لن نفعل ، فأتنا بالعذاب الذي تهددنا به إن كنت من الصادقين ؟ .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (70)

وإلى هنا يكون هود - عليه - السلام - قد رد على قومه رداً مقنعاً حكيما ، كان المتوقع من ورائه أن يستجيبوا له ، وأن يقبلوا على دعوته ، ولكنهم لسوء تفكيرهم وانطماس بصيرتهم ، أخذتهم العزة بالإثم فماذا قالوا لنبيهم ومرشدهم ؟

{ قالوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ الله وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين } أى : قالوا له على سبيل الإنكار والاستهزاء : أجئتنا يا هود لأجل أن نعبد الله وحده ، ونترك ما كان يعبد آباؤنا من الأوثان والأصنام إن هذا لن يكون منا أبداً فأتنا بما تعدنا به من العذاب إن كنت من الصادقين فيما تخبر به .

وننظر في هذا الرد من قوم هود فنراه طافحا بالتهور والتحدى والاستهزاء واستعجال العذاب .

حتى لكأن هودا - عليه السلام - يدعوهم إلى منكر لا يطيقون سماعه ولا يصبرون على الجدل فيه ! !

أليس هو يدعوهم إلى وحدانية الله وإفراده بالعبادة وترك ما كان يعبد آباؤهم ، وهذا في زعمهم أمر منكر لا يطيقون الصبر عليه .

وهكذا يستحوذ الشيطان على قلوب بعض الناس وتفكيرهم فيصور لهم الحسنات في صورة سيئات ، والسيئات في صورة حسنات .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما معنى المجىء في قوله : { أَجِئْتَنَا } ، قلت فيه أوجه : أن يكون لهود - عليه السلام - مكان معتزل عن قومه يتحنث فيه كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء قبل المبعث ، فلما أوحى إليه جاء قومه يدعوهم .

وأن يريدوا به الاستهزاء ، لأنهم كانوا يعتقدون أن الله - تعالى - لا يرسل إلا الملائكة ، فكأنهم قالوا : أجئتنا من السماء كما يجىء الملك . وأنهم لا يريدون حقيقة المجىء . ولكن التعريض بذلك والقصد كما يقال : ذهب يشتمنى ولا يراد حقيقة الذهاب ، كأنهم قالوا أقصدتنا لنعبد الله وحده وتعرضت لنا بتكليف ذلك " .

وقولهم : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين } يدل على أنه كان يتوعدهم بالعذاب من الله . إذا استمروا على شركهم ، ويدل - أيضا - على تصميمهم على الكفر ، واحتقارهم لأمر هود - عليه السلام - واستعجالهم إياه بالعقوبة على سبيل التحدى ، لأنهم كانوا يتوهمون أن العقوبة لن تقع عليهم أبداً .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (70)

وقوله تعالى : { قالوا أجئتنا } الآية ، ظاهر قولهم وحده أنهم أنكروا أن يتركوا أصنامهم ويفردوا العبادة لله مع إقرارهم بالإله الخالق المبدع ، ويحتمل أن يكونوا منكرين لله ويكون قولهم لنعبد الله وحده أي على قولك يا هود ، والتأويل الأول أظهر فيهم وفي عباد الأوثان كلهم ، ولا يجحد ربوبية الله تعالى من الكفرة إلا من أفرطت غباوته كإربد بن ربيعة ، وإلا من ادعاها لنفسه كفرعون ونمرود ، وقوله : { فاتنا } تصميم على التكذيب واحتقار لأمر النبوءة واستعجال للعقوبة ، وتمكن قولهم : { تعدنا } لما كان هذا الوعد مصرحاً به في الشر ولو كان ذكر الوعد مطلقاً لم يجىء إلا في خبر .