غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (70)

59

ذكرهم نبيهم نعم الله عليهم ليرجعوا إلى عقولهم فيعلموا أن العبادة نهاية التعظيم ولا تلق إلا بمن صدر عنه نهاية الإنعام وليس للأصنام على الخلق شيء من النعم لأنها جماد والجماد لا قدرة له أصلا فلم يكن للقوم جواب عن هذه الحجة إلا التمسك بطريقة التقليد وذلك قولهم { أجئتنا لنعبد الله وحده } الهمزة لإنكار اختصاص الله وحده بالعبادة . وفي المجيء أوجه منها : أن يكون لهود معتزل يتحنث فيه أي يتعبد كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء قبل المبعث ، فلما أوحي إليه جاء قومه يدعوهم . ومنها الاستهزاء اعتقاداً منهم أن الله لا يرسل إلا ملكاً فكأنهم قالوا : أجئتنا من السماء كما يجيء الملك ؟ ومنها أن يراد به القصد كما يقال : ذهب يشتمني ، ولا يراد حقيقة الذهاب كأنهم قالوا : أتعرضت لنا بتكليف عبادة الله وحده أي منفرداً عن الأصنام وهو من المعارف التي وقعت حالاً بتأويل . ولا يمكن أن يكون وحده هاهنا اعترافاً كما يقول الموحد لا إله إلا الله وقال الله وحده لأن الفرض أنهم مشركون . ثم إن قول هود فيما قبل { أفلا تتقون } كان مشعراً بالتهديد والوعيد فلهذا استعجلوا العذاب زعماً منهم أنه كاذب وذلك قولهم { فأتنا بما تعدنا } .