تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (70)

الآية 70 وقوله تعالى : { أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا } هذا يدل على أن رسالته التي يبلّغها إليهم في دعائه إياهم إلى عبادة الله وحده وتركهم عبادة من دونه حين{[8562]} قالوا : { أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا } ولا شك أنه إنما جاءهم ليعبدوا الله وحده ، وجاءهم ليذروا ما كان يعبد آباؤهم .

ثم في فعلهم تناقض ؛ لأنهم كانوا ينكرون أن يكون من البشر [ يأكل مما يأكلون ، ويشرب ]{[8563]} مما يشربون ؛ لم يرضوا برسالة البشر ، ورضوا بإلهية الأحجار والخشب ، ثم يقلّدون آباءهم في عبادتهم غير الله ، وفي آبائهم من يعبد الله ، لا يعبد غيره ؛ وهم الذين مع نوح . فكيف لم يقلّدوا من نجا منهم ، ولم يعبدوا غير الله دون أن يقلّدوا{[8564]} الذين عبدوا غير الله ؟ فذلك تناقض حين{[8565]} اتبعوا [ من ]{[8566]} هلك منهم بتكذيبهم الرسل وعبادتهم غير الله ، ولم يتّبعوا من نجا منهم .

يذكر عز وجل سفههم وتناقضهم في القول في إنكارهم الرسول من البشر . ولكن ذكر سفههم وتناقضهم بالتعريض لا بالتصريح . وكذلك عامة ما ذكر في كتابه من سفههم إنما ذكره{[8567]} بالتعريض .

وقوله تعالى : { فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين } إنه كان يعد العذاب إن لم يصدّقوه في ما يدعوهم إليه وترك تقليديهم آباءهم في عبادتهم غير الله .


[8562]:في الأصل وم: حيث.
[8563]:ساقطة من الأصل وم.
[8564]:في الأصل وم: قلدوا.
[8565]:في الأصل وم: حيث.
[8566]:من م، ساقطة من الأصل.
[8567]:في الأصل وم: ذكر.