المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِن تُبۡدُواْ شَيۡـًٔا أَوۡ تُخۡفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (54)

54- إن تظهروا شيئاً مما يؤذيه أو تخفوه في صدوركم فإن الله كان بكل شيء عليما .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِن تُبۡدُواْ شَيۡـًٔا أَوۡ تُخۡفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (54)

ثم حذرهم - سبحانه - من مخالفة أمره ، بأن بين لهم بأنه - سبحانه - لا يخفى عليه شئ ، من أمرهم ، فقال : { إِن تُبْدُواْ شَيْئاً } بأن تظهروه على ألسنتكم { أَوْ تُخْفُوهُ } بأن تضمروه فى قلوبكم ، فإنه فى الحالين لا يعزب عن علمنا ، وسنحاسبكم عليه ، { فَإِنَّ الله } - تعالى - { كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } بحيث لا يخفى عليه شئ ، فى الارض ولا فى السماء .

هذا وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة التى تسمى بآية الحجاب ، جملة من الأحكام والآداب منها :

1- وجوب الاستئذان عند دخول البيوت لتناول طعام ، ووجوب الخروج بعد تناوله إلا إذا كانت هناك ضرورة تدعو للبقاء ، كما أن من الواجب الحضور إلى الطعام فى الوقت المناسب له ، وليس قبله انتظارا لنضجه وتقديمه .

2- حرمة الاختلاط بين الرجال والنساء سواء أكان ذلك فى الطعام أم فى غيره ، فقد أمر - سبحانه - المؤمنين ، إذا سألوا أزواج النبى صلى الله عليه وسلم شيئا أن يسألوهن من وراء حجاب ، وعلل ذلك بأن سؤالهن بهذه الطريقة ، يؤدى إلى طهارة القلوب ، وعفة النفوس ، والبعد عن الريبة وخواطر السوء . .

وحكم نساء المؤمنين فى ذلك كحكم أمهات المؤمنين ، لأن قوله - سبحانه - { ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } علة عامة تدل على تعميم الحكم ، إذ جميع الرجال والنساء فى كل زمان ومكان فى حاجة إلى ما هو أطهر للقلوب ، وأعف للنفوس . .

قال بعض العلماء ما ملخصه : وقوله : { ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم ، إذ لم يقل أحد من العقلاء ، إن غير ازواج النبى صلى الله عليه وسلم لا حاجة بهن إلى أطهرية قلوبهن ، وقلوب الرجال من الريبة منهن .

.

فالجملة الكريمة فيها الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام فى جميع النساء . لا خاص بأمهات المؤمنين ، وإن كان أصل اللفظ خاصا بهن ، لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه . .

3- كذلك أخذ العلماء من هذه الآية أنه لا يجوز للرجل الأجنبى أن يصافح امرأة أجنبية عنه . ولا يجوز له أن يمس شئ من بدنه شيئا من بدنها .

والدليل على ذلك أن النبى صلى الله عليه ولم ثتب عنه أن قال : " إنى لا أصافح النساء " .

والله - تعالى - يقول : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } فيلزمنا أن لا نصافح النساء الأجنبيات اقتداء به صلى الله عليه وسلم .

4- تكريم الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم ودفاعه عنه ، وإلزام المؤمنين بالعمل على كل ما يرضيه ولا يؤذيه ، وبعدم نكاح أزواجه من بعده أبدا . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِن تُبۡدُواْ شَيۡـًٔا أَوۡ تُخۡفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (54)

{ إن تبدوا شيئا } كنكاحهن على ألسنتكم . { أو تخفوه } في صدوركم . { فإن الله كان بكل شيء عليما } فيعلم ذلك فيجازيكم به ، وفي هذا التعميم مع البرهان على المقصود مزيد تهويل ومبالغة في الوعيد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِن تُبۡدُواْ شَيۡـًٔا أَوۡ تُخۡفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا} (54)

قوله تعالى : { إن تبدوا شيئاً أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليماً } توبيخ ووعيد لمن تقدم به التعريض في الآية قبلها ممن أشير إليه بقوله { ذلكم أطهر لقلوبكم } [ الأحزاب : 53 ] ومن أشير إليه في قوله { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله } [ الأحزاب : 53 ] فقيل لهم في هذه إن الله يعلم ما تخفونه من هذه المعتقدات والخواطر المكروهة ويجازيكم عليها .