ثم وجه - سبحانه - خطابه إلى المؤمنين فقال : { اعلموا أَنَّ الله يُحْيِي الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيات لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } .
وافتتاح الآية بقوله - تعالى - : { اعلموا } يؤذن بأن ما سيلقى على مسامعهم من توجيهات ، جدير بالانتباه إلى مضمونه ، وإلى الامتثال لما اشتمل عليه من أمر أو نهى .
وليس المقصود من الآية إخبار المؤمنين بأن الله - تعالى - قادر على إحياء الأرض بعد موتها ، فذلك أمر يعتقدونه ، ولا يتم إيمانهم إلا به .
وإنما المقصود من هذه الآية الكريمة ، بيان أن المواظبة على ذكر الله - تعالى - وعلى تلاوة كتابه ، كل ذلك يكون له أثره فى خشوع النفوس ، وفى طهارة القلوب . . . كأثر المطر عندما ينزل على الأرض الجدباء المقفرة . . . فما تلبث إلا أن تهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج .
قال الإمام الرازى : قوله - تعالى - : { اعلموا أَنَّ الله يُحْيِي الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا } . فيه وجهان :
الأول : أنه تمثيل . والمعنى : أن القلوب التى ماتت بسبب القساوة ، المواظبة على الذكر سبب لعودة حياة الخشوع إليها ، كما يحيى الله - تعالى - الأرض بالغيث .
والثانى : أن المراد من قوله : { يُحْيِي الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا } ، بعث الأموات فذكر ذلك ترغيبا فى الخشوع والخضوع ، وزجرا عن القساوة .
والمراد بالآيات فى قوله - تعالى - : { قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيات لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } الدلائل الدالة على وحدانيته وقدرته ، وعلمه - سبحانه - .
أى : قد بينا لكم الدلائل والبراهين الناطقة بقدرتنا وحكمتنا . . . لعلكم بهذا البيان تعقلون ما أرشدناكم إليه ، وتعملون بموجب ما عقلتموه ، وبذلك تنالون الفلاح والسعادة ، وتخشع قلوبكم لذكرنا ولآياتنا .
وقوله تعالى : { اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها } الآية مخاطبة لهؤلاء المؤمنين الذين ندبوا إلى الخشوع ، وهذا ضرب مثل واستدعاء إلى الخير ، رقيق وتقريب بليغ ، أي لا يبعد عنكم أيها التاركون للخشوع رجوعكم إليه وتلبسكم به ، » فإن الله يحيي الأرض بعد موتها « ، فكذلك يفعل بالقلوب ، يردها إلى الخشوع بعد بعدها عنه ، وترجع هي إليه إذا وقعت الإنابة والتكسب من العبد بعد نفورها منه كما تحيى الأرض بعد أن كانت ميتة غبراء . وباقي الآية بين جداً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.