تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (17)

الآية 17 وقوله تعالى : { اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها } ذكر هذا ، ليس على أنهم لم يكونوا علموا أن الله هو يحيي الأرض بعد موتها ، بل كانوا عالمين بذلك ، لكنه ذكر كما ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين{[20629]} قال : { فاعلم أنه لا إله إلا الله } [ محمد : 19 ] أي أشعر قلبك في كل وقت وساعة الربوبية لله تعالى والوحدانية له .

فعلى هذا يحتمل قوله : { اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها } أي أشعروا قلوبكم في كل وقت جعل الألوهية والربوبية لله تعالى وصرف العبادة إليه والتنزيه والتبرئة له مما لا يليق به [ مما يوصف به ]{[20630]} الخلق ؛ إذ علمتم أنه يحيي الأرض بعد موتها ، فاعلموا أنه يمتحنكم بأنواع المحن ؛ إذ لا يحتمل إحياء ما ذكر بغير فائدة وتركهم سدى .

أو يقول : قد علمتم أن الله ، هو يحيي الأرض بعد موتها ، وأنتم ترغبون في ما أحياه الله ، وتصيبون منه ، وتجتهدون في نيل ذلك وإصابته ، فاجتهدوا في إصابة البركات الدائمة في الحياة الباقية .

أو يقول : لما علمتم أنه قادر على إحياء الأرض بعد موتها فاعلموا أنه قادر على البعث ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون } قد ذكرنا في ما تقدم أن حرف : لعل من الله تعالى يخرج على الإيجاب لكن يخرج ههنا على الترجي وإطماع العقل للآيات والفهم لها إذا نظروا فيها ، وتأملوا أنها آيات من الله تعالى ، أو أن يرجع ذلك إلى خاص من الناس لو خرج حرف : لعل للإيجاب دون الترجي ، وهم الذين علم الله تعالى أنهم يعقلون أنها آيات ، ويؤمنون بها ، والله أعلم .


[20629]:في الأصل و م: حيث.
[20630]:من م، ساقطة من الأصل.