السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (17)

وقوله تعالى : { اعلموا أن الله } أي : الملك الأعظم الذي له الكمال كله فلا يعجزه شيء { يحيي } أي : على سبيل التجديد والاستمرار كما تشاهدونه { الأرض } أي : بالنبات { بعد موتها } أي : يبسها تمثيل لإحياء الأموات بجميع أجسادهم وإفاضة الأرواح عليها كما فعل بالنبات وكما فعل بالأجسام أول مرة ، ولإحياء القلوب القاسية بالذكر والتلاوة فاحذروا سطوته واخشوا غضبه وارجوا رحمته ، لإحياء القلوب فإنه قادر على إحيائها بروح الوحي كما أحيا الأرض بروح الماء لتصير بأحيائها بالذكر خاشعة بعد قسوتها كما صارت الأرض رابية بعد خشوعها وموتها .

ولما انكشف الأمر بهذه غاية الانكشاف أنتج قوله تعالى : { قد بينا } أي : على مالنا من العظمة { لكم الآيات } أي : العلامات النيرات { لعلكم تعقلون } أي : لتكونوا عند من يعلم ذلك ويمنعه من الخلائق على رجاء من حصول العقل لكم بما يتجدد لكم من فهمه على سبيل التواصل الدائم بالاستمرار .