فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (17)

{ اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون ( 17 ) } .

استيقنوا أن الذي يهز الأرض بعد همودها ، ويخرج زرعها وشجرها ومرعاها فتبتهج بنبتها ، قادر على إحياء الخلائق بعد موتها ، فتزودوا ليوم المعاد ، وتعقلوا واعملوا ما به تسعدون وتفوزون يوم التناد .

[ . . وكذلك نهدي الإنسان الضال عن الحق إلى الحق فنوفقه ونسدده للإيمان حتى يصير مؤمنا من بعد كفره ، ومهتديا من بعد ضلاله- أي كما علمتم أن الأرض الميتة نحييها فتعمر ونجعلها سببا لحياة حسية ونفسية ، فصدقوا أنا نحيي القلوب الميتة الهامدة الجامدة ، فتنشرح بالإسلام ، وتستنير بنوره- وقوله : { قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون } يقول : قد بينا لكم الأدلة والحجج لتعقلوا ] . {[6330]}

[ ومن أحس بقسوة في قلبه فليهرع إلى ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه يرجع إليه حال . . . تمثيل لإحياء القلوب القاسية بالذكر والتلاوة بإحياء الأرض الميتة بالغيث ؛ للترغيب في الخشوع ، والتحذير عن القساوة . . . ]{[6331]} .

يقول صاحب تفسير القرآن العظيم : فيه إشارة إلى أن الله تعالى يلين القلوب بعد قسوتها ، ويهدي الحيارى بعد ضلتها ، ويفرج الكروب بعد شدتها ، فكما يحي الأرض الميتة المجدبة الهامدة بالغيث الهتان الوابل ، كذلك يهدي القلوب القاسية ببراهين القرآن والدلائل ، ويولج إليها النور بعد أن كانت مقفلة لا يصل إليها الواصل ، فسبحان الهادي لمن يشاء بعد الضلال . . ، الذي هو لما يشاء فعال ، وهو الحكيم العدل في جميع الفعال ، اللطيف الخبير الكبير المتعال . اه .


[6330]:- مما أورد صاحب جامع البيان؛ بتصرف.
[6331]:- مما ساق الألوسي