وقوله - سبحانه - { اتخذوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ . . } بيان لرذيلة رابعة أو خامسة ، لا تقل في قبحها عما سبقها من رذائل ، وقوله : { أَيْمَانَهُمْ } جمع يمين بمعنى الحلف .
وقوله : { جُنَّةً } من الجَنِّ بمعنى الستر عن الحاسة ، وهذه المادة وما اشتق منها تدور حول الستر والخفاء . وتطلق الجنة على الترس الذى يضعه المقاتل على صدره أن على ذراعيه ليتقى به الضربات من عدوه .
ومفعول { فَصَدُّواْ } : محذوف للعلم به .
أي : أن هؤلاء المنافقين قد اتخذوا أيمانهم الكاذبة . وهي حلفهم للمسلمين بأنهم معهم ، وبأنهم لايضمرون شرا لهم . اتخذوا من كل ذلك وقاية وسترة عن المؤاخذة ، كما يتخذ المقاتل الترس وقاية له من الأذى . . . { فَصَدُّواْ } { عَن سَبِيلِ الله } أي : عن دينه الحق ، وطريقه المستقيم .
{ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي : فترتب على تسترهم خلف الأيمان الفاجرة ، وعلى صدهم غيرهم عن الحق ، أن أعد الله - تعالى - لهم عذابا يهينهم ويذلهم .
{ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }أي : أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر ، واتقوا بالأيمان الكاذبة ، فظن كثير ممن لا يعرف حقيقة أمرهم صدقهم فاغتر بهم ، فحصل بهذا صد عن سبيل الله لبعض الناس{ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } أي : في مقابلة ما امتهنوا من الحلف باسم الله العظيم في الأيمان الكاذبة الحانثة .
وقرأ جمهور الناس : «أيمانهم » جمع يمين . وقرأ الحسن بن أبي الحسن : «إيمانهم » ، أي يظهرونه من الإيمان والجنة : ما يتستر به ويتقي المحذور ، ومنه المجن : وهو الترس ، وقوله { فصدوا عن سبيل الله } يحتمل أن يكون الفعل غير متعد كما تقول صد زيد ، أي صدوا هم أنفسهم عن سبيل الله والإيمان برسوله ، ويحتمل أن يكون متعدياً ، أي صدوا غيرهم من الناس عن الإيمان ممن اقتدى بهم وجرى في مضمارهم ، ويحتمل أن يكون المعنى { فصدوا } المسلمين عن قتلهم ، وتلك { سبيل الله } فيهم لكن ما أظهروه من الإيمان صدوا به المسلمين عن ذلك ، والمهين : المذل من الهوان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.