ثم بين - سبحانه - فى أواخر هذه السورة الكريمة ، جانبا آخر من نعمه على عباده ، ووبخ الفاسقين على عدم اعتبارهم بأحوال من سبقهم من الأمم ، وهددهم بأنهم عند مجئ العذاب إليهم لن ينفعهم إيمانهم . . فقال - تعالى - :
قوله - تعالى - { الله الذي جَعَلَ لَكُمُ الأنعام . . } بيان لنعمة أخرى من نعمه التى تتعلق بما سخره - سبحانه - لخدمة الإِنسان من دواب ، بعد بيانه قبل لكثير من النعم التى تتعلق بالليل والنهار ، والسماء والأرض . . إلخ .
والأنعام : جمع نعم ، وأطلق على الإِبل والبقر والغنم ، قالوا والمراد بها هنا : الإِبل خاصة ؛ لأن معظم المنافع التى ذكرت هنا توجد فيها .
أى : الله - تعالى - هو الذى خلق لكم بقدرته الإِبل { لِتَرْكَبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أى لتركبوا بعضا منها ، ولتأكلوا بعضا آخر منها . فمن فى الموضعين للتبعيض
يقول تعالى ممتنا على عباده ، بما خلق لهم من الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم { فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ } [ يس : 72 ] ، فالإبل تركب وتؤكل وتحلب ، ويحمل عليها الأثقال في الأسفار والرحال إلى البلاد النائية ، والأقطار الشاسعة . والبقر تؤكل ، ويشرب لبنها ، وتحرث عليها الأرض . والغنم تؤكل ، ويشرب لبنها ، والجميع تجز أصوافها وأشعارها وأوبارها ، فيتخذ منها الأثاث والثياب والأمتعة كما فَصَّل وبَيَّنَ في أماكن تقدم ذكرها في " سورة الأنعام " {[25599]} ، و " سورة النحل " {[25600]} ، وغير ذلك ؛ ولهذا قال هاهنا : { لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ . وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } .
هذه آيات عبر وتعديد نعم . و : { الأنعام } الأزواج الثمانية . ع و : { منها } الأولى للتبعيض ، لأن المركوب ليس كل الأنعام ، بل الإبل خاصة . { ومنها } الثانية لبيان الجنس ، لأن الجميع منها يؤكل . وقال الطبري في هذه الآية : إن { الأنعام } تعم الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وغير ذلك ما ينتفع به في البهائم ، ف { منها } في الموضعين للتبعيض على هذا ، لكنه قول ضعيف ، وإنما الأنعام ، الأزواج الثمانية التي ذكر الله فقط .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.