المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَن لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ أَلِيمٖ} (26)

26- قائلاً لهم : إني أطلب منكم ألا تعبدوا إلا الله ، لأني أخاف عليكم - إن عبدتم غيره أو أشركتم معه سواه في العبادة - أن يحل عليكم يَوْمٌ عذابه ذو ألم شديد .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَن لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ أَلِيمٖ} (26)

وجملة { أَن لاَّ تعبدوا إِلاَّ الله } بدل من قوله { إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أى أرسلناه بأن لا تعبدوا إلا الله .

وقوله : { إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } جملة تعليلية ، تبين حرص نوح الشديد على مصلحة قومه ومنفعتهم .

أى إنى أحذركم من عبادة غير الله ، لأن هذه العبادة ستؤدى بكم إلى وقوع العذاب الأليم عليكم ، وما حملنى على هذا التحذير الواضح إلا خوفى عليكم ، وشفقتى بكم ، فأنا منكم وأنتم منى بمقتضى القرابة والنسب .

ووصف اليوم بالأليم على سبيل المجاز العقلى ، وهو أبلغ من أن يوصف العذاب بالأليم ، لأن شدة العذاب لما بلغت الغاية والنهاية فى ذلك ، جعل الوقت الذى تقع فيه وقتا أليما أى مؤلما .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَن لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ أَلِيمٖ} (26)

يخبر تعالى عن نوح ، عليه السلام ، وكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض من المشركين عَبَدة الأصنام أنه قال لقومه : { إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : ظاهر النّذَارَة لكم من عذاب الله إن أنتم عبدتم غير الله ؛ ولهذا قال : { أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ } وقوله { إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } أي إن استمررتم على ما أنتم عليه عَذَّبكم الله عذابا أليما مُوجعًا شاقًا في الدار الآخرة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَن لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ أَلِيمٖ} (26)

وقوله : أنْ لا تَعْبُدُوا إلاّ اللّهَ فمن كسر الألف في قوله : إني جعل قوله : أرْسَلْنا عاملاً في «أَنْ » التي في قوله : أنْ لا تَعْبُدُوا إلاّ اللّهَ ويصير المعنى حينئذ : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه ، أن لا تعبدوا إلا الله ، وقل لهم إنّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ . ومن فتحها ، ردّ «أنْ » في قوله : أنْ لا تَعْبُدُوا عليها ، فيكون المعنى حينئذ : لقد أرسلنا نوحا إلى قومه بأني لكم نذير مبين ، بأن لا تعبدوا إلا الله . ويعني بقوله : بأن لا تعبدوا إلا الله أيها الناسُ ، عبادة الاَلهة والأوثان وإشراكها في عبادته ، وأفردوا الله بالتوحيد وأخلصوا له العبادة ، فإنه لا شريك له في خلقه . وقوله : إنّي أخافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ ألِيم يقول : إني أيها القوْم إن لم تَخُصّوا الله بالعبادة وتفردوه بالتوحيد وتخلعوا ما دونه من الأنداد والأوثان ، أخاف عليكم من الله عذاب يوم مؤلم عقابُه وعذابه لمن عذّب فيه . وجعل الأليم من صفة اليوم وهو من صفة العذاب ، إذ كان العذاب فيه كما قيل : وَجَعَلَ اللّيْلَ سَكَنا وإنما السّكن من صفة ما سكن فيه دون الليل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَن لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ أَلِيمٖ} (26)

وقوله { أن لا تعبدوا إلا الله } ظاهر في أنهم كانوا يعبدون الأوثان ونحوها ، وذلك بين في غير هذه الآية .

و { أليم } معناه مؤلم ، ووصف به اليوم وحقه أن يوصف به العذاب تجوزاً إذ العذاب في اليوم ، فهو كقولهم : نهار صائم وليل قائم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَن لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ أَلِيمٖ} (26)

جملة { ألا تعبدوا إلاّ الله } مفسرة لجملة { أرسلنا } لأن الإرسال فيه معنى القول دون حروفه ، ويجوز كونها تفسيراً ل { نذير } لما في { نذير } من معنى القول ، كقوله في سورة نوح ( 2 ، 3 ) { قال يا قوم إني لَكمْ نَذير مبين أن اعبدوا الله واتّقوه } وهذا الوجه متعين على قراءة فتح همزة ( أني ) إذا اعتبرت ( أنّ ) تفسيرية . ويجوز جعل ( أنْ ) مخففة من الثقيلة فيكون بدلاً من { أني لكم نذير مبين } على قراءة فتح الهمزة واسمها ضمير شأن محذوفاً ، أي أنّه لا تعبدوا إلاّ الله .

وجملة { إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم } تعليل ل { نذير } لأن شأن النذارة أن تثقل على النفوس وتخَزُهم فكانت جديرة بالتعليل لدفع حرج ما يلاقونه .

ووصف اليوم بالأليم مجاز عقلي ، وهو أبلغ من أن يوصف العذاب بالأليم ، لأن شدة العذاب لما بلغت الغاية جعل زمانه أليماً ، أي مؤلماً .

وجملة { أخاف عليكم } ونحوها مثل أخشى عليك ، تستعمل للتوقّع في الأمر المظنون أو المقطوع به باعتبار إمكان الانفلات من المقطوع به ، كقول لبيد :

أخشى على أربَد الحتوف ولا *** أخشَى عليه الرياح والمَطرا

فيتعدّى الفعل بنفسه إلى الخوف منه ويتعدى إلى المخوف عليه بحرف ( على ) كما في الآية وبيت لبيد .

و ( العذاب ) هنا نكرة في المعنى ، لأنه أضيف إلى نكرة فكان محتملاً لعذاب الدنيا وعذاب الآخرة . فأما عذاب الدنيا فليس مقطوعاً بنزوله بهم ولكنه مظنون من نوح عليه السلام بناء على ما علمه من عناية الله بإيمان قومه وما أوحي إليه من الحرص في التبليغ ، فعلم أن شأن ذلك أن لا يترك مَن عَصَوْه دون عقوبة . ولذلك قال في كلامه الآتي { إنما يأتيكم به الله إن شاء } [ هود : 33 ] على ما يأتي هنالك . وكان العذاب شاملاً لعذاب الآخرة أيضاً إن بقوا على الكفر ، وهو مقطوع به لأنّ الله يقرن الوعيد بالدعوة ، فلذلك قال نوح عليه السلام في كلامه الآتي { وما أنتم بمعجزين } [ هود : 33 ] ، وقد تبادر إلى أذهان قومه عذاب الدنيا لأنهم لا يؤمنون بالبعث فلذلك قالوا في كلامهم الآتي { فأتنا بما تعدنا إن كنتم من الصادقين } [ هود : 32 ] . ولعلّ في كلام نوح عليه السّلام ما تفيدهم أنه توعدهم بعذاب في الدنيا وهو الطوفان .