المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ ثُمَّ أَنتُمۡ تُشۡرِكُونَ} (64)

64- قل : الله - وحده - هو الذي ينقذكم من هذه الأهوال ، ومن كل شدة أخرى ، ثم أنتم مع ذلك تشركون معه في العبادة غيره مما لا يدفع شراً ولا يجلب خيراً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ ثُمَّ أَنتُمۡ تُشۡرِكُونَ} (64)

{ قُلِ الله يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ } أى قل لهم يا محمد : الله وحده هو الذى ينجيكم من هذه المخاوف والأهوال ومن كل غم يأخذ بنفوسكم ، ثم أنتم بعد هذه النجاة تشركون معه غيره ، مخلفين بذلك وعدكم حانثين فى أيمانكم .

قال الإمام الرازى : " والمقصود من ذلك أنه عند اجتماع هذه الأسباب الموجبة للخوف الشديد لا يرجع الإنسان إلا إلى الله ، وهذا الرجوع يحصل ظاهرا وباطنا ، لأن الإنسان فى هذه الحالة يعظم إخلاصه فى حضرة الله ، وينقطع رجاؤه عن كل ما سواه ، وهو المراد من قوله { تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } فبين - سبحانه - أنه إذا شهدت الفطرة السليمة والخلقة الأصلية فى هذه الحالة بأن لا ملجأ إلى إلى الله ولا تعويل إلا على فضله ، وجب أن يبقى هذا الإخلاص فى كل الأحوال ، لكن الإنسان ليس كذلك فإنه بعد الفوز بالسلامة والنجاة يميل تلك السلامة إلى الأسباب الجسمانية ويقدم على الشرك .

ولفظ الآية يدل على أنه عند حصول الشدائد يأتى الإنسان بأمور :

أحدها : الدعاء .

وثانيها : التضرع .

وثالثها : الإخلاص بالقلب هو المراد من قوله { وَخُفْيَةً } .

ورابعها : التزام الاشتغال بالشكر . ونظير هذه الآية قوله - تعالى - { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر فِي البحر ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ } وقوله { وظنوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } وبالجملة فعادة أكثر الناس أنهم إذا شاهدوا الأمر الهائل أخلصوا ، وإذا انتقلوا إلى الأمن والرفاهية أشركوا به " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ ثُمَّ أَنتُمۡ تُشۡرِكُونَ} (64)

56

والله - سبحانه - يقول لرسوله [ ص ] ليذكرهم بحقيقة الأمر :

( قل : الله ينجيكم منها ومن كل كرب ) . فليس هنالك غيره يستجيب ، ويقدر على دفع الكروب . .

ثم ليذكرهم بتصرفهم المنكر العجيب :

( ثم أنتم تشركون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ ثُمَّ أَنتُمۡ تُشۡرِكُونَ} (64)

قال الله [ تعالى ]{[10758]} { قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ } أي : بعد ذلك { تُشْرِكُونَ } أي : تدعون معه في حال الرفاهية آلهة أخرى .


[10758]:زيادة من م، أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ ثُمَّ أَنتُمۡ تُشۡرِكُونَ} (64)

وقوله تعالى : { قل الله ينجيكم } الآية : سبق في المجادلة إلى الجواب ، إذ لا محيد عنه ، { ومن كل كرب } لفظ عام أيضاً ليتضح العموم الذي في الظمات ، ويصح أن يتأول من قوله { ومن كل كرب } تخصيص الظلمات قبل ، ونص عليها لهولها ، وعطف في هذا الموضع ب { ثم } للمهلة التي تبين قبح فعلهم ، أي ثم بعد معرفتكم بهذا كله وتحققكم به أنتم تشركون .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ ثُمَّ أَنتُمۡ تُشۡرِكُونَ} (64)

جملة : { قل الله ينجيكم منها } تلقين لجواب الاستفهام من قوله : { مَنْ يُنجّيكم } أن يُجيب عن المسؤولين ، ولذلك فصلت جملة { قل } لأنَّها جارية مجرى القول في المحاورة ، كما تقدّم في هذه السورة . وتولَّى الجواب عنهم لأنّ هذا الجواب لا يسعهم إلاّ الاعتراف به .

وقدّم المسند إليه على الخبر الفعلي لإفادة الاختصاص ، أي الله ينجيكم لا غيره ، ولأجل ذلك صرّح بالفعل المستفهم عنه . ولولا هذا لاقتصر على { قل الله } . والضمير في { منها } للظلمات أو للحادثة . وزاد { مِنْ كلّ كرب } لإفادة التعميم ، وأنّ الاقتصار على ظلمات البرّ والبحر بالمعنيين لمجرّد المثال .

وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وهشام عن ابن عامر ، ويعقوب { يُنجيكم } بسكون النون وتخفيف الجيم على أنَّه من أنجاه ، فتكون الآية جمعت بين الاستعمالين . وهذا من التفنّن لتجنّب الإعادة . ونظيره { فمهِّل الكافرين أمْهِلْهُم } [ الطارق : 17 ] . وقرأه ابن ذكوان عن ابن عامر ، وأبو جعفر ، وخلف ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي { يُنجِّيكم } بالتشديد مثل الأولى .

و { ثم } من قوله : { ثم أنتم تشركون } للترتيب الرتبي لأنّ المقصود أنّ إشراكهم مع اعترافهم بأنَّهم لا يلجأون إلاّ إلى الله في الشدائد أمر عجيب ، فليس المقصود المهلة .

وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي لمجرّد الاهتمام بخبر إسناد الشرك إليهم ، أي أنتم الذين تتضرّعون إلى الله باعترافكم تُشركون به من قَبل ومن بعد ، من باب { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم } [ البقرة : 85 ] ، ومن باب : لو غيرُك قالها ، ولو ذاتُ سِوار لَطَمَتْنِي .

وجيء بالمسند فعلاً مضارعاً لإفادة تجدّد شركهم وأنّ ذلك التجدّد والدوامَ عليه أعجب .

والمعنى أنّ الله أنجاكم فوعدتم أن تكونوا من الشاكرين فإذا أنتم تشركون . وبيْن { الشاكرين } و { تشركون } الجناس المحرّف .