الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ ثُمَّ أَنتُمۡ تُشۡرِكُونَ} (64)

قوله تعالى : " قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب " وقرأ الكوفيون " ينجيكم " بالتشديد ، الباقون بالتخفيف . قيل : معناهما واحد مثل نجا وأنجيته ونجيته . وقيل : التشديد للتكثير . والكرب : الغم يأخذ بالنفس . يقال منه : رجل مكروب . قال عنترة :

ومكروبٍ كشفت الكرب عنه *** بطعنة فَيْصَلٍ لما دعاني

والكربة مشتقة من ذلك .

قوله تعالى : " ثم أنتم تشركون " تقريع وتوبيخ ، مثل قوله في أول السورة " ثم أنتم تمترون " . لأن الحجة إذا قامت بعد المعرفة وجب الإخلاص ، وهم قد جعلوا بدلا منه وهو الإشراك ، فحسن أن يقرعوا ويوبخوا على هذه الجهة وإن كانوا مشركين قبل النجاة .