المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

4- ولعاقبة أمرك ونهايته خير من بدايته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

ثم بشره - سبحانه - ببشارتين عظيمتين ، قد بلغتا الدرجة العليا فى السمو والرفعة ، فقال : { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى . وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى }

أى : وللدار الآخرة وما أعده الله لك فيها من نعيم لا يحيط به وصف ، خير لك من دار الدنيا التى أعطيناك فيها من نبوة ، وكرامة ومنازل عالية ، وخلق كريم .

وفضلا عن كل ذلك فأنت - أيها الرسول الكريم - سوف يعطيك ربك من خيرى الدنيا والآخرة ، كل ما يسعدك ويرضيك ، من نصر عظيم ، وفتح مبين ، وتمكين فى الأرض ، وإعلاء لكلمة الحق على يدك ، وعلى أيدى أصحابك الصادقين ، ومنازل عظمى فى الآخرة لا يعلم مقدارها إلا الله - تعالى - ، كالمقام المحمود ، والشفاعة ، والوسيلة . . . وبذلك ترضى رضاء تاما بما أعطاك - سبحانه - من نعم ومنن .

فالمراد بالآخرة : الدار الآخرة التى تقابل الدار الأولى ، وهى الحياة الدنيا ، وبعضهم جعل المراد بالآخرة ، نهاية أمره صلى الله عليه وسلم فى هذه الدنيا ، والمراد بالأولى بداية أمره صلى الله عليه وسلم فى هذه الدنيا ، فيكون المعنى : ولنهاية أمرك - أيها الرسول الكريم - خير من بدايته ، فإن كل يوم يمضى من عمرك ، سيزيدك الله - تعالى - فيه ، عزا على عز ، ونصرا على نصر ، وتأييدا على تأييد . . حتى ترى الناس وقد دخلوا فى دين الله أفواجا . . وقد صدق الله - تعالى - لنبيه وعده حيث فتح له مكة ، ونشر دعوته فى مشارق الأرض ومغاربها .

قال الآلوسى : وحمل الآخرة على الدار الآخرة المقابلة للدنيا ، والأولى على الدار الأولى وهى الدنيا ، هو الظاهر .

. وقال بعضهم : يحتمل : أن يراد بهما نهاية أمره صلى الله عليه وسلم وبدايته ، فاللام فيها للعهد ، أو عوض عن المضاف إليه . أى : لنهاية أمرك خيرك من بدايته ، فأنت لا تزال تتزايد قوة ، وتتصاعد رفعة . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

وما غاض معين فضله وفيض عطائه . فإن لك عنده في الآخرة من الحسنى خيرا مما يعطيك منها في الدنيا : ( وللآخرة خير لك من الأولى ) . . فهو الخير أولا وأخيرا . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

{ وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى } أي : والدار الآخرة خير لك من هذه الدار . ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا ، وأعظمهم لها إطراحًا ، كما هو معلوم [ بالضرورة ]{[30182]} من سيرته . ولما خُيِّرَ ، عليه السلام ، في آخر عمره بين الخلد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة ، وبين الصيرورة إلى الله عز وجل ، اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدنية .

قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا المسعودي ، عن عمرو بن مرة ، عن إبراهيم النَّخعِي ، عن علقمة ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير ، فأثر في جنبه ، فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه وقلت : يا رسول الله ، ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما لي وللدنيا ؟ ! ما أنا والدنيا ؟ ! إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظَلّ تحت شجرة ، ثم راح وتركتها{[30183]} .

ورواه الترمذي وابن ماجة ، من حديث المسعودي به{[30184]} وقال الترمذي : حسن صحيح .


[30182]:- (2) زيادة من م.
[30183]:- (3) في أ: "وتركها".
[30184]:- (4) المسند (1/391) وسنن الترمذي برقم (2377) وسنن ابن ماجة برقم (4109).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

وقوله تعالى : { وللآخرة خير لك من الأولى } يحتمل أن يريد الدارين الدنيا والآخرة ، وهذا تأويل ابن إسحاق وغيره ، ويحتمل أن يريد حاليه في الدنيا قبل نزول السورة وبعدها فوعده الله تعالى على هذا التأويل بالنصر والظهور ، وكذلك قوله تعالى : { ولسوف يعطيك ربك } الآية

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

عطف على جملة : { والضحى } [ الضحى : 1 ] فهو كلام مبتدأ به ، والجملة معطوفة على الجمل الابتدائية وليست معطوفة على جملة جواب القسم بل هي ابتدائية فلما نُفي القِلى بشّر بأن آخرته خير من أولاه ، وأن عاقبته أحسن من بدأته ، وأن الله خاتم له بأفضل مما قد أعطاه في الدنيا وفي الآخرة .

وما في تعريف « الآخرة » و { الأولى } من التعميم يجعل معنى هذه الجملة في معنى التذييل الشامل لاستمرار الوحي وغير ذلك من الخير .

والآخرة : مؤنث الآخرِ ، و { الأولى } : مؤنث الأوَّل ، وغلب لفظ الآخرة في اصطلاح القرآن على الحياة الآخرة وعلى الدار الآخرة كما غلب لفظ الأولى على حياة الناس التي قبل انخرام هذا العالم ، فيجوز أن يكون المراد هنا من كلا اللفظين كِلا معنييه فيفيد أن الحياة الآخرة خير له من هذه الحياة العاجلة تبشيراً له بالخيرات الأبدية ، ويفيد أن حالاته تجري على الانتقال من حالة إلى أحسن منها ، فيكون تأنيث الوصفين جارياً على حالتي التغليب وحالتي التوصيف ، ويكون التأنيث في هذا المعنى الثاني لمراعاة معنى الحالة .

ويومىء ذلك إلى أن عودة نزول الوحي عليه هذه المرة خير من العودة التي سبقت ، أي تكفل الله بأن لا ينقطع عنه نزول الوحي من بعد .

فاللام في « الآخرة » و { الأولى } لام الجنس ، أي كُلّ آجل أمره هو خير من عاجله في هذه الدنيا وفي الأخرى .

واللام في قوله : { لك } لام الاختصاص ، أي خير مختص بك وهو شامل لكل ما له تعلق بنفس النبي صلى الله عليه وسلم في ذاته وفي دِينه وفي أمته ، فهذا وعد من الله بأن ينشر دين الإِسلام وأن يمكِّن أمته من الخيرات التي يأملها النبي صلى الله عليه وسلم لهم . وقد روى الطبراني والبيهقي في « دلائل النبوءة » عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عُرض عليّ ما هو مفتوح لأمتي بعدي فسرني فأنزل الله تعالى : { وللآخرة خير لك من الأولى } "