غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ} (4)

1

ثم زاده تشريفاً بقوله { وللآخرة خير لك من الأولى } يعني هذا التشريف وهو إعلام أن ما ألقاه الحساد فيما بينهم من التوديع والقلى بهت محض وإن كان تشريفاً عظيماً إلا أن الذي أعدّ لأجلك في الآخرة أشرف وأسنى . وعلى تقدير انقطاع الوحي لا يجوز أن يكون ذلك للعزل عن النبوة فإنه غير جائز لكنه يدل على قرب الوفاة المستتبعة للقرب من الله فلا يكون كما ظنه الأعداء . ويحتمل أن يراد : وللأحوال الآتية خير لك من الماضية فيكون وعداً بإتمام نوره وإعلاء أمره . وفي تخصيص الخطاب إشارة إلى أن في أمته من كانت الآخرة شر إليه إلا أن الله ستره عليهم ونظر قول موسى { إن معي ربي سهيدين } [ الصافات :99 ] لأنه كان في قومه من لم يكن لائقاً بهذا المنصب ، وحين لم يكن في الغار إلا نبي أو صدّيق قال نبينا صلى الله عليه وسلم { لا تحزن إن الله معنا } [ التوبة :40 ] يروى أن موسى خرج للاستسقاء ومعه الألوف ثلاثة أيام فلم يجدوا الإجابة فسأل موسى عليه السلام عن سبب ذلك فقال : إن في قومك نماماً فقال موسى : من هو ؟ فقال الله تعالى : إني أبغضه فكيف أعمل عمله ؟ فما مضت مدة حتى نزل الوحي بأن ذلك النمام قد مات وهذه جنازته في الموضع الفلاني فذهب موسى إلى ذلك الموضع فإذا فيه سبعون من الجنائز فهذا ستره على أعدائه فكيف على أوليائه .

/خ11