وفضلا عن ذلك : { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ } أى : بساتين عظيمة ، { وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } جارية تحت أشجار هذه الجنات ، لتزداد جمالا ونفعا .
قال الإِمام الرازى ما ملخصه : " إن قوم نوح لما كذبوه زمانا طويلا ، حبس الله عنهم المطر ، وأعقم أرحام نسائهم . . فرجعوا إلى نوح ، فقال لهم : استغفروا ربكم من الشرك ، حتى يفتح عليكم أبواب نعمه .
واعلم أن الاشتغال بالطاعة ، سبب لانفتاح أبواب الخيرات ، ويدل عليه وجوه : أحدها : أن الكفر سبب لخراب العالم . والإِيمان سبب لعمارة العالم . وثانيها : الآيات الكثيرة التى وردت فى هذا المعنى ، ومنها قوله - تعالى - { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى آمَنُواْ واتقوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السمآء والأرض . . . } وثالثها : أن عمر خرج يستسقى فما زاد على الاستغفار .
فقيل له : ما رأيتك استسقيت ؟ فقال : لقد استسقيت لكم بمجاديح السماء ، والمجاديح : جمع مِجْدَح - بكسر فسكون وهو نجم من النجوم المعروفة عند العرب .
وشكا رجل إلى الحسن البصرى الفاقة ، وشكا إليه آخر الجدب ، وشكا إليه ثالث قلة النسل . . فأمر الجميع بالاستغفار . . فقيل له : أتاك رجال يشكون إليك أنواعا من الحاجة ، فأمرتهم جميعا بالاستغفار ؟ فتلا الحسن هذه الآيات الكريمة .
وما قاله الإِمام الرازى - رحمه الله - يؤيده القرآن الكريم فى كثير من آياته ، ويؤيده واقع الحياة التى نحياها ونشاهد أحداثها .
أما آيات القرآن الكريم فمنها قوله - تعالى - : { وَأَلَّوِ استقاموا عَلَى الطريقة لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } وقوله - سبحانه - على لسان هود - عليه السلام - : { وياقوم استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السمآء عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ . . }
وقال - عز وجل - : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } وأما واقع الحياة . فإننا نشاهد بأعيننا الأمم التى تطبق شريعة الله - تعالى - وتعمل بما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم من آداب وأحكام وهدايات .
نرى هذه الأمم سعيدة فى حياتها ، آمنة فى أوطانها ، يأتيها رزقها رغدا من كل مكان ، وإذا أصابها شئ من النقص فى الأنفس أو الثمرات . . فذلك من باب الامتحان الذى يمتحن الله - تعالى - به عباده ، والذى لا يتعارض مع كون العاقبة الطيبة إنما هى لهذه الأمم الصادقة فى إيمانها .
وما يجرى على الأمم والشعوب ، يجرى أيضا علىالأفراد والجماعات ، فتلك سنة الله التى لا تتغير .
أما الأمم الفاسقة عن أمر ربها ، فإنها مهما أوتيت من ثراء وبسطة فى الرزق . . فإن حياتها دائما تكون متلبسة بالقلق النفسى ، والشقاء القلبى ، والاكتئاب الذى يؤدى إلى فساد الحال واضطراب البال .
وقوله : { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا } أي : إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه ، كثر الرزق عليكم ، وأسقاكم من بركات السماء ، وأنبت لكم من بركات الأرض ، وأنبت لكم الزرع ، وَأَدَرَّ لكم الضرع ، وأمدكم بأموال وبنين ، أي : أعطاكم الأموال والأولاد ، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار ، وخللها بالأنهار الجارية بينها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.