الآيتان 11 و12 : وقوله تعالى : { ويرسل السماء عليكم مدرارا } { ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } فيحتمل أن ما قال هذا لأنهم كانوا في شدة عيش وضيق حال ، فوعد أنهم إن انتهوا عن الكفر ، وأجابوا إلى ما يدعوهم إليه غفر الله لهم ذنوبهم ، وأرسل السماء عليهم مدرارا ، فيتوسعوا به على ما قال به بعض أهل التأويل : إن الله تعالى قد حبس عنهم المطر ، وعقمت أرحام نسائهم ، وهلكت مواشيهم وجناتهم لتمام أربعين سنة ، ثم أهلكوا بعد ذلك ، وكانوا كلهم كفارا ، ليس فيهم صغير . ولذلك كان نوح عليه السلام يعدهم .
[ ويحتمل أن يكونوا خافوا انقطاع النعمة عنهم والإجابة وزوال السعة عنهم بالإسلام ]{[22178]} ومن الناس من يترك الإيمان خشية هذا ، فأخبر الله عز وجل أن الذي هم فيه من رغد العيش لا ينقطع عنهم بالإسلام ، بل يرسل عليهم المطر من السماء مدرارا متتابعا ، ويمددهم{[22179]} بأموال وبنين مع ما يجعل لهم من الجنان والأنهار .
لكن ذوي{[22180]} الألباب والعقلاء ينظرون{[22181]} إلى حسن العاقبة وما[ عليه مآل الأمر ]{[22182]} دون الحال ، فذلك الذي يرغبهم{[22183]} فيه . ولذلك اختلفت دعوة النبي عليه السلام لأمته[ فمنهم ]{[22184]} من بشّره بكثرة أمواله وبنيه ، ومنهم من رغبه في آخرته [ بقوله تعالى ]{[22185]} : { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } ]يونس : 58 ] وقوله{[22186]} تعالى : { قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار } الآية[ آل عمران : 15 ] .
ونظير الأول كقوله عز وجل : { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض }[ الأعراف : 96 ] .
والأصل أن الرسل عليه السلام بعثوا مبشرين ومنذرين داعين زاجرين محتجين مدحضين ؛ فبما يتلون{[22187]} عليهم من أنباء الأولين دخل فيه{[22188]} جميع الأوجه الثلاثة ، إذ النذارة والبشارة مرة تقع بالابتداء ومرة بما ينزل بالمتقدمين المصدقين منهم والمكذبين : أن كيف كانت عواقب هؤلاء وهؤلاء .
وكذلك الدعاء ، والرحمة تكون مرة بابتداء الدعاء ، والزجر يكون{[22189]} بذكر الأمم السالفة وأن الرسل كيف كانوا يدعونهم ثانيا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.