المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَكَانَتۡ هَبَآءٗ مُّنۢبَثّٗا} (6)

4 - إذا زُلزلت الأرض واهتزت اهتزازاً شديداً ، وفتتت الجبال تفتيتاً دقيقاً ، فصارت غباراً متطايراً{[217]} .


[217]:تقرر هذه الآيات الكريمة مدى الأهوال التي تحل بالعالم عند قيام القيامة، ومن هذه الأهوال تلك الكوارث الكونية التي تؤثر على الأرض وطبقاتها. فالأرض التي نعيش على سطحها ليست مستقرة ومتوازنة تماما. فهي تتكون من طبقات صخرية متداخلة غير منتظمة قد أنزلت بعضها بالنسبة لما يجاورها وكونت ما يسمى الفالق الجيولوجي في مناطق عديدة. هذه الفوالق كانت ولا تزال المراكز العميقة للزلازل الكبرى. لأنها تحت تأثير قوى الشد والجذب التي صاحبت الطبقة الأرضية عند انكسارها، فإذا ما اختل توازن هذه القوى نتيجة لعوامل التأثير الإضافية الخارجية فقد يؤدي ذلك إلى انطلاق طاقة حركة كبرى تنبعث منها هزات أو زلازل أرضية قد تهدم كل شيء على سطح الأرض القريب من مركز الزلزال فيحدث خراب كبير. والتفسير العلمي المذكور لا يؤثر بل ولا يبعد عن الوجهة الدينية. فإن الله تعالى قد يجعل الأسباب الكونية المعتادة يجتمع بعضها إلى بعض على غير ما عهدنا ليكون تفاعلها الرهيب سببا مباشرا لتخريب الدنيا، ويكون التفسير العلمي متجاوبا مع الآيات المنذرة بالأهوال الجسام وكل ذلك من عند الله، ويحصل عندما يأذن الله بتنفيذ قضائه في دنيانا.

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَكَانَتۡ هَبَآءٗ مُّنۢبَثّٗا} (6)

والمراد بالرج فى قوله - تعالى - بعد ذلك : { إِذَا رُجَّتِ الأرض رَجّاً وَبُسَّتِ الجبال بَسّاً . . . } التحريك الشديد ، والاضطراب الواضح . يقال : رج فلان الشىء رجا ، إذا حركه بعنف وزلزلزه بقوة . . .

وقوله { وَبُسَّتِ } من البس بمعنى التفتيت والتكسر الدقيق ، ومنه قولهم : بس فلان السويق ، إذا فتته ولته وهيأه للأكل .

أى : إذا رجت الأرض وزلزت زلزالا شديدا ، وفتتت الجبال تفتيتا حتى صارت كالسويق الملتوت . . . . فكانت تلك الجبال كالهباء المنبث أى : المتفرق الذى يلوح من خلال شعاع الشمس إذا ما دخل من نافذة . .

إذا ما حدث كل ذلك ، وجد كل إنسان جزاءه من خير أو شر ، { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } فجواب الشرط ما ذكرته الآيات بعد ذلك من حسن عاقبة أصحاب الميمنة وسوء عاقبة أصحاب المشأمة .

ومن الآيات الكثيرة ، التى وردت فى معنى هذه الآيات قوله - تعالى - : { يَوْمَ تَرْجُفُ الأرض والجبال وَكَانَتِ الجبال كَثِيباً مَّهِيلاً }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَكَانَتۡ هَبَآءٗ مُّنۢبَثّٗا} (6)

- ثم إذا الجبال الصلبة الراسية تتحول - تحت وقع الواقعة - إلى فتات يتطاير كالهباء . . ( وبست الجبال بسا . فكانت هباء منبثا ) . . فما أهول هذا الهول الذي يرج الأرض رجا ، ويبس الجبال بسا ، ويتركها هباء منبثا . وما أجهل الذين يتعرضون له وهم مكذبون بالآخرة ، مشركون بالله ، وهذا أثره في الأرض والجبال !

وهكذا تبدأ السورة بما يزلزل الكيان البشري ، ويهول الحس الإنساني ، تجاه القضية التي ينكرها المنكرون ، ويكذب بها المشركون .