مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَقَالَ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ يُؤۡثَرُ} (24)

و { ثُمَّ نَظَرَ } عطف على { فَكَّرَ وَقَدَّرَ } والدعاء اعتراض بينهما ، وإيراد «ثم » في المعطوفات لبيان أن بين الأفعال المعطوفة تراحياً { فَقَالَ إِنْ هذا } ما هذا { إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } يروى عن السحرة . رُوي أن الوليد قال لبني مخزوم : والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه يعلو وما يعلى . فقالت قريش : صبأ والله الوليد . فقال أبو جهل وهو ابن أخيه : أنا أكفيكموه ، فقعد إليه حزيناً وكلمه بما أحماه فقام الوليد ، فأتاهم فقال : تزعمون أن محمداً مجنون فهل رأيتموه يخنق ؟ وتقولون إنه كاهن فهل رأيتموه يتكهن ؟ وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعراً قط ؟ وتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئاً من الكذب ؟ فقالوا في كل ذلك : اللهم لا . ثم قالوا : فما هو ؟ ففكر فقال : ما هو إلا ساحر ، أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ؟ وما الذي يقوله إلا سحر يؤثر عن مسيلمة وأهل بابل ، فارتج النادي فرحاً وتفرقوا متعجبين منه . وذكر الفاء دليل على أن هذه الكلمة لما خطرت بباله نطق بها من غير تلبث