الآية 24 : وقوله تعالى : { فقال إن هذا إلا سحر يؤثر } أي هذا الذي أتى به محمد مما يؤثر من أفعال السحر ، أو هذا الذي يخبر[ أنه ]{[22625]} أتى به من عند الله هو سحر يؤثر عمن تقدمه . ولكن قال هذا على علم منه أنه ليس بسحر .
قال الفقيه ، رحمه الله : ولو كان الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم سحرا كما قرفوه به فهو لا يخرج من أن يكون حجة له في صدق مقالته وإثبات رسالته لأنه لا وجه لمعرفة السحر من طريق الرأي والتدبير ، وإنما سبيل الوصول إليه التلقين{[22626]} والتلقف عن الغير ، وقد علموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم[ لم يتلقن من أحد ]{[22627]} ولا وجد منه الاختلاف إلى من عنده علم ذلك ، فوقع لهم الإيقان أنه بالله تعالى علم لا بأحد من الخلائق ، فيصير الذي قرفوه به من أعظم الحجج{[22628]} .
ولكن الله تعالى طهره من السحر ، ونزهه عن ذلك ، وأمره بمعاداة السحرة ، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقتلوا كل ساحر وساحرة )[ الترمذي 1460 ] وقال : ( توبة الساحر ضربة بالسيف )[ أحمد 1/190 ] .
ثم الأصل أن الساحر يفرق بين الاثنين ، ويعمل سحره في التفريق على وجه لا يوقف على سبب التفريق ، وكان سبب تفريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرا لأنه يأتيهم بالحجج ، فيعلم من أمعن النظر[ فيها صدقه في ما يدعي من الرسالة ، فيأتمر به ، ومن ترك النظر فيها ، ولم يعط من نفسه النصفة ، ترك الإيمان ، فيبطل أن يكون التفريق كتفريق السحر ، ولأن كلا منهم لو تفكر في ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وأمعن النظر ]{[22629]} فيه حمله ذلك على الإيمان به والتصديق لرسالته ، فيصير الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم سبب الاجتماع والألفة لا أن يكون سبب التفريق بين الأحبة .
ثم الأصل أن الساحر ، بغيته وقصده من سحره نيل الجاه عند العظماء والرؤساء واستفادة السعة في الدنيا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يطلب بما أتى به الجاه عند الرؤساء ، بل عاداهم ، وأظهر الخلاف ، فدعا الخلق إلى الزهادة في الدنيا لا إلى الاستكبار فيها ، فكيف يجوز أن ينسب إلى السحر ، وقد أتى بما يضاد فعل السحرة ؟ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.