وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } أي مجاوزون حد الحكمة في ترك محل الحرث ، الحافظ للنسل ، الذي به حفظ النوع البشري ، وإيثار ما لم يخلق لذلك ، شرها في الشهوة الحيوانية ، ومكافحة لتغيير الأوضاع الربانية .
ونقل السيوطي في ( الإكليل ) عن محمد بن كعب القرظي ، أن معنى الآية : تذرون مثله من المباح . فاستدل بذلك على إباحة وطء الزوجة في دبرها . انتهى .
وخالفه غيره . فاستدل بها على حظره . وبيانه كما في ( الكشاف ) و ( حواشيه ) أن { من } إما تبيين لما خلق ، أو للتبعيض . ويراد به العضو المباح منهن ، تعريضا بأنهم كانوا يفعلون ذلك بنسائهم . ومن الوجه الثاني يستدل على حظر إتيان المرأة في غير المأتى . وتقريره في ( الانتصاف ) أن { من } لو كانت بيانا لكان المعنى حينئذ على ذمهم بترك الأزواج . ولا شك أن ترك الأزواج مضموم إلى إتيان الذكران . وحينئذ يكون المنكر عليهم الجمع بين ترك الأزواج وإتيان الذكران ، لا أن ترك الأزواج وحده منكر . ولو كان الأمر كذلك ، لكان النصب في الثاني متوجها إلى الجمع . وكان إما الأفصح أو المتعين . وقد اجتمعت العامة – عامة القراء – على أن القراءة به مرفوعا ولا يتفقون على ترك الأفصح إلى ما لا مدخل له في الفصاحة ، أو في الجواز أصلا . فلما وضح ذلك تبين أن هذا المعنى غير مراد . فتعين حمل { من } على البعضية . فيكون المنكر عليهم أمرين ، كل واحد منهما مستقل بالإنكار : أحدهما إتيان الذكران . والثاني مجانبة إتيان النساء في المأتى ، رغبة في إتيانهن في غيره . وحينئذ يتوجه الرفع لفوات الجمع اللازم على الوجه الأول ، واستقلال كل واحد من هاتين العظيمتين بالنكير . انتهى .
ومثله من دقيق الاستنباط الذي يوسع المدارك ويفتح للتفهم أبوابا ، وإن أمكن أن يقال إن سياق الآية في الملام لهم ، أعم مما ذكره ومن غيره . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.