روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمۡ رَبُّكُم مِّنۡ أَزۡوَٰجِكُمۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٌ عَادُونَ} (166)

{ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ } لأجل استمتاعكم ، وكلمة { مِنْ } في قوله تعالى : { مّنْ أزواجكم } للبيان إن أريد بما جنس الإناث ، ولعل في الكلام حينئذ مضافين محذوفين أي وتذرون إتيان فروج ما خلق لكم أو للتبعيض إن أريد بما العضو المباح من الأزواج . ويؤيده قراءة ابن مسعود { مَا إصلح لَكُمْ رَبُّكُمْ مّنْ أزواجكم } وحينئذ يكتفي بتقدير مضاف واحد أي وتذرون اتيان ما خلق . ويكون في الكلام على ما قيل تعريض بأنهم كانوا يأتون نساءهم أيضاً في مجاشهن ولم يصرح بإنكاره كما صرح بإنكار اتيان الذكر ان لأنه دونه في الإثم .

وهو على المشهور عند أهل السنة حرام بل كبيرة . وقيل : هو مباح ، وقد تقدم الكلام{[603]} في ذلك مبسوطاً عند الكلام في قوله تعالى : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } [ البقرة : 223 ] وقيل : ليس في الكلام مضاف محذوف أصلاً ، والمراد ذمهم بترك ما خلق لهم وعدم الالتفات إليه بوجه من الوجوه فضلاً عن الاتيان ، وأنت تعلم أن المعنى ظاهر على التقدير ، وقوله تعالى : { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } اضراب انتقالي والعادي المتعدى في جميع المعاصي وهذا من جملتها أو متجاوزون عن حد الشهوة حيث زدتم على سائر الناس بل أكثر الحيوانات .

وقيل : متجاوزون الحد في الظلم حيث ظلمتم بإتيان ما لم يخلق للإتيان وترك اتيان ما خلق له ، وفي البحر أن تصدير الجملة بضمير الخطاب تعظيماً لفعلهم وتنبيهاً على أنهم مختصون بذلك كأنه قيل : بل أنتم قوم عادون لا غيركم .


[603]:- بيد أني وقفت عند كتابتي في هذا الموضع على كلام العز بن عبد السلام في أماليه في هذا المبحث حاصله أن حرمة إتيان الزوجة في المحل المكروه ليست إجماعية إلا أن معظم أهل الإسلام على تحريمه كما قال الطرسوسي والخلاف فيه يسير جدا كالذي لا عبرة فيه. ويذك أن ابن عبد الحكم نقل حله عن الشافعي وأن الربيع قال: كذب والله ابن عبد الحكم. وقد نص الإمام على تحريمه في ست كتب ولم يحظ عن مالك شيء ي إباحته البتة ونله من كتاب السر غير صحيح بل في كتاب البيان والتحصيل لابن رشد الأندلسي النص على خلاف ذلك. ورواية الطحاوي عن أبي الفرج عن ابن القاسم حله لا يعول عليها ولا تصح. وأما إباحة زيد بن أسلم ونافع لذلك فلا يخذ بها فنافع إمام في القراءات وليس معدودا في الفقهاء أهل الحل والعقد، وأما زيد صاحب تفسير لا يعتد لخلافه فليحفظ اه منه.