قوله : «مِنْ أَزْوَاجِكُمْ » . يصلح أن يكون تبييناً ، وأن يكون للتبعيض ، ويُراد بِمَا خلق العضو المباح منهن ، وكانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم{[37707]} . { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } . معتدون مجاوزون الحلال إلى الحرام ، والعادي : المعتدي في ظلمه .
والمعنى : أتركبون هذه المعصية على عظمها { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } في جميع المعاصي{[37708]}
قال القاضي عبد الجبار في تفسير قوله : { وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ } دليل على بطلان الجبر من وجوه :
الأول : أنه لا يقال : «تَذَرُونَ » إلاَّ مع القدرة على خلافه ، ولذلك لا يقال للمرء : لم تذر الصعود إلى السماء ، كما يقال : لم تذر ( الدخول و ){[37709]} الخروج .
الثاني : أنه قال : { مَا خَلَقَ لَكُمْ } ولو كان الفعل لله تعالى لكان الذي خلقه لهم ما خلقه فيهم وأوجبه لا ما لم يفعلوه .
الثالث : قوله تعالى : { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } لإن كان تعالى خلق فيهم ما كانوا يعملون ، فكيف ينسبون إلى أنهم تعدوا ؟ وهل يقال للأسود : إنك متعد في لونك ؟ وأجيب بأن حاصل هذه الوجوه يرجع إلى أن العبد لو لم يكن موجداً لأفعال نفسه لما توجه المدح والذم والأمر والنهي عليه ، ( وليس لهذه ){[37710]} الآية في هذا المعنى خاصية أزيد مما ورد من الأمر والنهي والمدح والذم في قصة إبراهيم وموسى ونوح وسائر القصص ، فكيف خَصَّ هذه القصة بهذه الوجوه دون سائِر القصص . وإذا{[37711]} ثبت أن هذه الوجوه هي ذلك الوجه المشهور فالجواب عنها هما{[37712]} الجوابان المشهوران :
الأول : أنَّ اللَّهَ تعالى لمّا علم وقوع هذه الأشياء ، فعدمها محال ، لأَنّ عدمها يستلزم انقلاب العلم جهلاً ، وهو محال ، والمفضي إلى المحال محال ، وإن كان عدمها محالاً كان التكليف بالترك تكليفاً بالمحال .
الثاني : أنَّ القادر لما كان قادراً على الضدين امتنع أن يرجح أحد المقدورين على الآخر لا لمرجح ، والمرجح : هو الداعي والإرادة ، وذلك المرجح مرجح محدث ، فله مؤثر ، وذلك المؤثر إن كان هو العبد لزم التسلسل ، وهو محال ، وإن كان هو الله تعالى فذاك الجبر على قولك ، فثبت بهذين البرهانين القاطعين سقوط ما قاله{[37713]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.