محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (182)

{ والحمد لله رب العالمين } أي على نعمه ، التي أجلّها إرسال الرسل لإظهار أسمائه الحسنى وشرائعه العليا ، وإصلاح الأولى والأخرى .

فوائد في خواتم هذه السورة

الأولى- روى ابن جرير عن الوليد بن عبد الله قال : ( كانوا لا يصفّون في الصلاة حتى نزلت { وإنا لنحن الصافون } فصفوا ) . وقال أبو نضرة : ( كان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه ثم قال : أقيموا صفوفكم ، استقيموا قياما ، يريد الله بكم هدى الملائكة . ثم يقول { وإنا لنحن الصافون } تأخر يا فلان ، تقدم يا فلان . ثم يتقدم فيكبر ) . رواه ابن أبي حاتم وابن جرير

وفي صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ) فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة . وجعلت لنا الأرض مسجدا . وتربتها لنا طهورا ) . .

الثانية- روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال : ( صبّح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر . فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش ، رجعوا وهم يقولون : محمد والله  ! محمد والخميس . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله أكبر خربت خيبر ( إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ) . دلّ تمثله صلى الله عليه وسلم بالآية على شمولها لعذاب الدنيا ، أولا وبالذات .

الثالثة-قال ابن كثير : لما كان التسبيح يضمن التنزيه والتبرئة من النقص ، بدلالة المطابقة . ويستلزم إثبات الكمال ، كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال المطلق مطابقة ، ويستلزم التنزيه من النقص- قرن بينهما في هذا الموضع ، وفي مواضع كثيرة من القرآن . ولهذا قال تبارك وتعالى : { سبحان ربك } الآيات .

الرابعة- روى ابن أبي حاتم عن الشعبيّ مرسلا : ( من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة ، فليقل آخر مجلسه ، حين يريد أن يقوم : { سبحان ربك } الآيات ) .

وروي أيضا عن عليّ موقوفا .

وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم مرفوعا : ( من قال دبر كل صلاة { سبحان ربك } الآيات ، ثلاث مرات ، فقد اكتال بالجريب الأوفى من الأجر ) .

وقد بيّن الرّازي أن خاتمة هذه السورة الشريفة جامعة لكل المطالب العالية . فارجع إليه .