فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (182)

{ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } إرشاد لعباده إلى حمده على إرسال رسله إليهم مبشرين ومنذرين ، وتعليم لهم كيف يصنعون عند إنعامه عليهم وما يثنون به عليه ، وقيل : إنه الحمد على هلاك المشركين ، ونصر الرسل عليهم ، والأولى : أنه حمد لله سبحانه على كل ما أنعم به على خلقه أجمعين ، كما يفيده حذف المحمود عليه ، فإن حذفه مشعر بالتعميم كما تقرر في علم المعاني ، والحمد هو الثناء الجميل لقصد التعظيم .

عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد أن يسلم من صلاته قال : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ) أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن مردويه .

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة بقوله : سبحان ربك إلى آخرها .

وأخرج الخطيب نحوه من حديث أبي سعيد ، وأخرج الطبراني عن زيد ابن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من قال : دبر كل صلاة سبحان ربك الآيات ثلاث مرات فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر ) ، وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه نحوه .

وعن علي رضي الله تعالى عنه : ( من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه سبحان ربك إلى آخرها ) ذكره النسفي والخازن ، قال النسفي اشتملت السورة على ذكر ما قاله المشركون في الله ونسبوه إليه مما هو منزه عنه وما عاناه المرسلون من جهتهم وما خولوه في العاقبة من النصرة عليهم ، فختمها بجوامع ذلك من تنزيه ذاته عما وصفه به المشركون والتسليم على المرسلين والحمد لله رب العالمين على ما قيض لهم من حسن العواقب .