تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (182)

قوله تعالى : { سبحان ربك ربّ العزة عما يصفون } { وسلام على المرسلين } { والحمد لله رب العالمين } في هذه الأحرف الثلاثة جميع ما بيّنه الله تعالى من الحق على الخلق من التوحيد والثناء الحسن والحمد لنعمه وجميع ما عليهم من التفويض إليه في الأمور كلها وجميع ما عليهم من الثناء الحسن والحمد له وما ألزمهم من الثناء الحسن على جميع المرسلين .

أما حرف التوحيد فهو قوله تعالى { سبحان ربك ربّ العزة عما يصفون } نزّه نفسه ، وبرّأه من جميع ما قال الملاحدة فيه مما لا يليق به من الولد والشريك والصاحبة وغير ذلك . فيرجو أن يُثاب قائل هذا ثواب كل واصف الله عز وجل بالبراءة له والتنزيه عن ذلك كله .

وفي قوله : { ربّ العزة } وصف بالعزة والقوة وتفويض الأمر إليه ، فيرجو أن يثاب قائل هذا ثواب كل واصف لله بالعزة والقوة .

وأما الثناء الحسن على المرسلين فهو قوله عز وجل : { وسلام على المرسلين } أمر الله عز وجل عبادة أن يثنوا على المرسلين جملة . وعلى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا سلّمتم عليّ فسلّموا على إخواني المرسلين فإنما أنا رسول من المرسلين ) [ بنحوه مسلم 403 ] .

أما الثناء الحسن على الله بكل ما أنعم عليهم ، وأحسن إليهم فهو قوله عز وجل : { والحمد لله رب العالمين } فيرجو أن يثاب قائل هذا وتاليه على المعرفة به مما فيه ثواب جميع القائلين به والتالين ، والله أعلم .

وذُكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه من مجلسه : { سبحان ربك ربّ العزة عما يصفون } { وسلام على المرسلين } { والحمد لله رب العالمين } والله أعلم .

وقوله تعالى : { ربّ العزة } قال بعضهم : هو رب النعمة والقوة . ويحتمل { ربّ العزة } أي به يتعزّز كل من يتعزّز وإليه يرجع كل عزيز ، وكذلك كل من حمد ، أو أثنى على شيء فحقيقة ذلك الحمد والثناء راجع إليه تعالى ، والله أعلم بحقيقة مراده .