محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَنتُمۡ عَنۡهُ مُعۡرِضُونَ} (68)

{ أنتم عنه معرضون } لتمادي غفلتكم . فإن العاقل لا يعرض عن مثله . كيف وقد قامت عليه الحجج الواضحة . أما على التوحيد ، فما مرّ من آثار قدرته وصنعه البديع . وأما على بعثته صلى الله عليه وسلم به ، فقوله : { ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون } .

قال الرازي : واعلم أن قوله : { أنتم عنه معرضون } ترغيب في النظر والاستدلال ، ومنع من التقليد . لأن هذه المطالب مطالب شريفة عالية ، فإن بتقدير أن يكون الإنسان فيها على الحق ، يفوز بأعظم أبواب السعادة ، وبتقدير أن يكون الإنسان فيها على الباطل ، وقع في أعظم أبواب الشقاوة . فكانت هذه المباحث أنباء عظيمة ومطالب عالية بهية . وصريح العقل يوجب على الإنسان أن يأتي فيها بالاحتياط التام ، وأن لا يكتفي بالمساهلة والمسامحة .