{ وذكر اسم ربه فصلى } قال خرج إلى العيد فصلى صلاته ، وكان ابن مسعود يقول : رحم الله امرأً تصدق ثم صلى ، ثم يقرأ هذه الآية . وقال نافع : كان ابن عمر إذا صلى الغداة -يعني من يوم العيد- قال : يا نافع أخرجت الصدقة ؟ فإن قلت : نعم ، مضى إلى المصلى ، وإن قلت : لا ، قال : فالآن فأخرج ، فإنما نزلت هذه الآية في هذا { قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى } وهو قول أبي العالية وابن سيرين . وقال بعضهم : لا أدري ما وجه هذا التأويل ؟ لأن هذه السورة مكية ، ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة فطر . قال الشيخ الإمام محيي السنة رحمه الله : يجوز أن يكون النزول سابقاً على الحكم كما قال : { وأنت حل بهذا البلد }( البلد-3 ) فالسورة مكية ، وظهر أثر الحل يوم الفتح حتى قال عليه الصلاة والسلام : " أحلت لي ساعة من نهار " وكذلك نزل بمكة : { سيهزم الجمع ويولون الدبر }( القمر- 45 ) ، قال عمر بن الخطاب : كنت لا أدري أي جمع يهزم ، فلما كان يوم بدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يثبت في الدرع ويقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر ، { وذكر اسم ربه فصلى } أي : وذكر ربه فصلى ، قيل : الذكر : تكبيرات العيد ، والصلاة : صلاة العيد ، وقيل : الصلاة ها هنا الدعاء .
ولما كان أعظم الأعمال المزكية الذكر والصلاة قال تعالى : { وذكر } أي بالقلب واللسان ذكر وذكر - بالكسر والضم { اسم ربه } أي صفات المحسن إليه فإنه إذا ذكر الصفة سر بها فأفاض باطنه على ظاهره ذكر اللفظ الدال عليها ، وإذا ذكر ذلك اللفظ وهو الاسم الدال عليها انطبع في قلبه ذكر المسمى { فصلّى * } أي الصلاة الشرعية لأنها أعظم الذكر ، فهي أعظم عبادات البدن كما أن الزكاة أعظم عبادات المال{[72936]} ، ومن فعل ذلك استراح من داء الإعجاب وما يتبعه من النقائص الموجبة لسوء الانقلاب ، وكان متخلقاً بما ذكر من أخلاق الله في أول السورة من التخلي عن النقائص بالتزكية{[72937]} ، والتحلي بالكمالات بالذكر والصلاة لأنه لعظمته لا يتأهل لذكره إلا من واظب إلى ذكر-{[72938]} اسمه فلا يشقى فلا يصلى النار الكبرى بوعد لا خلف فيه{[72939]} - فالآية{[72940]} من الاحتباك في الاحتباك : ذكر أولاً الصلى دليلاً على حذف{[72941]} ضده ثانياً ، وثانياً التزكية دليلاً على حذف ضدها أولاً ، وقد تكفل ذكر التزكية والذكر ، والصلاة من أسباب التداوي{[72942]} بالإنضاج ثم الأشربة ثم الأغذية ، والآية صالحة لإرادة زكاة الفطر وتكبيرات العيد وصلاته وإن كانت السورة مكية وفرض الصيام بالمدينة ، لأن العبرة بعموم اللفظ لإحاطة علمه سبحانه وتعالى بالماضي والحال{[72943]} والاستقبال على حد سواء ؛ قال الرازي في اللوامع : وتقدم زكاة الفطر على صلاة العيد ، وكان ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يقول : رحم الله امرأً تصدق ثم صلى - ثم يقرأ هذه الآية ، وإن كانت السورة مكية ، فإنه يجوز أن يكون النزول سابقاً على الحكم كما قال تعالى :
( وأنت حل بهذا البلد }[ البلد : 2 ] والسورة مكية ، وظهر أثر الحل يوم الفتح - انتهى ، وأخذه{[72944]} من البغوي ، وزاد البغوي{[72945]} أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يأمر نافعاً رضي الله عنه بنحو ما قال ابن مسعود رضي الله عنه ، ويقول : إنما نزلت هذه الآية في هذا . وروى البزار{[72946]} : " عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بزكاة الفطر قبل أن يصلي صلاة العيد ويتلو{[72947]} هذه الآية " وفي السند كثير بن عبد الله - حسّن له الترمذي وضعفه غيره - {[72948]}والله أعلم{[72949]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.