بصائر للناس : معالم للدين يتبصر بها الناس .
لقوم يوقنون : يطلبون علم اليقين .
وبعد هذا كله يبين الله فضل القرآن ، وما فيه من الهداية والرحمة للناس أجمعين فيقول : { هذا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَة لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } .
إن هذا القرآن وما فيه من أحكام وأخلاق وتهذيب دلائلُ للناس تبصّرهم في أمور دينهم ودنياهم ، وهدى يرشدُهم إلى مسالك الخير ، ورحمةٌ من الله لقوم يوقنون به ويؤمنون بالله ورسوله .
{ هذا بصائر للناس وهدى لقوم يوقنون } : أي هذا القرآن أي أنوار هداية يهتدون به إلى ما يكملهم ويسعدهم ، وهدى ورحمة ، ولكن لأهل اليقين في إيمانهم فهم الذين يهتدون به ويرحمون عليه ، أما غير الموقنين فلا يرون هداه ولا يجدون رحمته ؛ لان شكهم وعدم إيقانهم يتعذر معهما أن يعملوا به في جد وصدق وإخلاص .
وقوله تعالى : { هذا بصائر للناس } يريد القرآن الكريم ؛ إنه عيون القلوب بها تبصر النافع من الضار والحق من الباطل ، فمن آمن به وعمل بما فيه اهتدى إلى سعادته وكماله ، ومن لم يؤمن به ولم يعمل بما فيه ضل وشقي . وقوله { وهدى ورحمة لقوم يوقنون } أي أن القرآن الكريم كتاب هداية ورحمة عليه يهتدي المهتدون ، ويرحم المرحومون وهم الذين أيقنوا بهدايته ورحمته فعملوا به عقائد وعبادات وأحكاماً وآداباً وأخلاقاً ، فحصل لهم ذلك كما حصل للسلف الصالح من هذه الأمة ، وما زال القرآن كتاب هداية ورحمة لكل من آمن به وأيقن فعمل وطبق بجد وصدق أحكامه وشرائعه وآدابه وأخلاقه التي جاء بها ، وقد كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم القرآن لقول عائشة رضي الله عنها في الصحيح كان خلقه القرآن .
- بيان أن القرآن كتاب هداية وإصلاح ، ولا يتم شيء من هداية الناس وإصلاحهم إلا عليه .
ولما أوصل سبحانه إلى هذا الحد من البيان ، الفائت لقوى الإنسان ، قال مترجماً عنه : { هذا } أي الوحي المنزل . ولما كان في عظم بيانه {[58110]}وإزالة{[58111]} اللبس عن كل ملبس دق أو جل بحيث لا يلحقه شيء من {[58112]}خفاء ، جعله{[58113]} نفس البصيرة ، مجموعة جمع كثرة بصيغة منتهى الجموع كما جعله روحاً فقال : { بصائر للناس } أي الذين هم في أدنى المراتب ، يبصرهم بما يضرهم وما ينفعهم ، فما ظنك بمن فوقهم من الذين آمنوا ثم الذين يؤمنون ومن فوقهم .
ولما بين ما هو لأهل السفول ، بين ما هو لأهل العلو فقال تعالى : { وهدى } أي قائد{[58114]} إلى كل خير ، مانع{[58115]} من كل زيغ { ورحمة } أي كرامة وفوز{[58116]} ونعمة { لقوم يوقنون * } أي ناس فيهم قوة القيام بالوصول إلى العلم الثابت وتجديد الترقي في درجاته إلى ما لا نهاية له أبداً{[58117]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.