سورة الدخان مكية وآياتها تسع وخمسون ، نزلت بعد سورة الزخرف . وهي كباقي السور المكية تُعنى بالتوحيد والبعث والرسالة ، لتركيز العقيدة ، وتثبيت دعائم الإيمان بالله الواحد الأحد . ويكاد سياق السورة يكون كله وحدة متماسكة في الحديث عن مشهد يوم القيامة ، ومصارع الغابرين ، والمشهد الكونيّ ، ثم تقريع المشركين ، وإنذارهم بحلول الجدْب والقحط بهم . وهو يذكّرهم بقصص فرعون وقوم موسى عليه السلام وكيف أنجى الله المؤمنين ، وأهلكَ الكافرين .
وتبدأ السورة بالحديث عن القرآن الكريم وتنزيله في ليلة مباركة ، فيها يُفرق كل أمر حكيم ، والقرآن رأس الحكمة ، والفيصل بين الحق والباطل . وهو رحمة من الله لعباده ، وفيه إنذار لهم وتحذير . وبعد ذلك يأتي تعريف للناس بربهم ، رب السموات والأرض وما بينهما وإثبات الوحدانية له وأنه هو المحيي والمميتُ ربّ الأولين والآخرين .
وقد سميت { سورة الدخان } لقوله تعالى : { فارتقبْ يوم تأتي السماء بدخان مبين ، يَغشى الناسَ ، هذا عذاب أليم } وذلك من علامات الساعة ، كما ورد في صحيح مسلم : " لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها والدخان . . . الخ " .
وتتحدث السورة عن الله ، الخالق المدبّر ، الحكيم المشرف على هذا الكون بالحفظ والرعاية ، ثم عن مصارع المكذّبين من الأمم السابقة ، تحذيرا لكفار قريش من أن يَنالهم مثلُها . وتأتي السورة من قصة فرعون وما حلّ به من الهلاك والدمار ، ثم تؤكد بآياتها المشرقة أن يوم القيامة هو موعدُ فرق الكفر والضلال جميعا ، وتصف ما ينال المهتدين المؤمنين من نعيم في جنات وعيون ، يَدْعون فيها بكل فاكهة آمنين ، كل ذلك فضل من الله العظيم الرحيم ، { ذلك هو الفوز العظيم } .
ثم تختم السورة كما بدئت بالحديث عن القرآن الكريم : { فإنما يسّرناه بلسانك لعلهم يتذكرون } وبالتهديد الشديد للمكذبين المترفين . { فارتقبْ إنهم مرتقبون } وهكذا يتناسق البدء والختام .
حم : تقرأ هكذا حاميم : من الحروف الصوتية ، وقد تكلّمنا عن هذا الأسلوب والغرض منه .
{ حم } : هذا أحد الحروف المقطعة تكتب هكذا حم وتقرأ هكذا حَامِيمْ .
قوله تعالى { حم } ذلك هذا أحد الحروف المقطعة وهو من المتشابه الذي يفوض فهم معناه إلى منزلة فيقول : المؤمن : الله أعلم بمراده به ، وقد ذكرنا له فائدتين جليلتين تقدمتا غير ما مرة الأولى : أنه لما كان المشركون يمنعون سماع القرآن خشية التأثر به جاءت هذه الفواتح بصيغة لم تعهدها العرب في لغتها فكان إذا قرأ القارئ رافعا صوته مادّاً به هذه الحروف يستوقف السامع ويضطره إلى أن يسمع فإذا سمع تأثر واهتدى غالباً وأعظم بهذه الفائدة من فائدة والثانية : أنه لما ادعى العرب أن القرآن ليس وحياً إلهياً وإنما شعر أو سحر أو قول الكهان أو أساطير تحداهم الله تعالى بالإتيان بمثله فعجزوا فتحداهم بعشر سور فعجزوا فتحداهم بسورة فعجزوا فقامت عليهم الحجة لعجزهم وتقرر أن القرآن الكريم كلام الله ووحيه أوحاه إلى رسوله ويؤكد هذه الفائدة أنه غالباً إذا ذكرت هذه الحروف في فواتح السور يذكر القرآن بعدها نحو طس تلك آيات القرآن ، حم والكتاب المبين ، آلم تلك آيات الكتاب الحكيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.