تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

{ جُنة } بضم الجيم ، وقاية وسترا .

لقد أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر ، وتستّروا بالأيمان الكاذبة فجعلوها وقايةً لأنفسهم من القتل . وبها انخدع كثيرٌ من المؤمنين ممن لا يعرِف حقيقةَ أمرِهم ، وبهذه الوسيلة صدوا كثيراً من الناس عن سبيلِ الله ، فلهم عذابٌ شديد الإهانة يوم القيامة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

{ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } أي : ترسا ووقاية ، يتقون بها من لوم الله ورسوله والمؤمنين ، فبسبب ذلك صدوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله ، وهي الصراط الذي من سلكه أفضى به إلى جنات النعيم . ومن صد عنه فليس إلا الصراط الموصل إلى الجحيم ، { فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } حيث استكبروا عن الإيمان بالله والانقياد لآياته ، أهانهم بالعذاب السرمدي ، الذي لا يفتر عنهم ساعة ولا هم ينظرون .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{اتخذوا أيمانهم} يعني حلفهم {جنة} من القتل {فصدوا} الناس {عن سبيل الله} يعني دين الله الإسلام {فلهم عذاب مهين}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله: {اتّخَذُوا أيمانَهُمْ جُنّةً} يقول جلّ ثناؤه: جعلوا حلفهم وأيمانهم جنة يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم، وذلك أنهم إذا اطلع منهم على النفاق، حلفوا للمؤمنين بالله إنهم لمنهم.

"فَصَدّوا عَن سَبِيلِ اللّهِ" يقول جلّ ثناؤه: فصدّوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم، وذلك أنهم كفرة، وحكم الله وسبيله في أهل الكفر به من أهل الكتاب القتل، أو أخذ الجزية، وفي عبدة الأوثان القتل، فالمنافقون يصدّون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم إنهم مؤمنون، وإنهم منهم، فيحولون بذلك بينهم وبين قتلهم، ويمتنعون به مما يمتنع منه أهل الإيمان بالله.

وقوله: {فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} يقول: فلهم عذاب مُذِلّ لهم في النار.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فصدوا عن سبيل الله} يحتمل صدوا أنفسهم عن سبيل الله، أو صدوا الناس عن سبيله بما ذكر...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

(اتخذوا أيمانهم) التي يحلفون بها (جُنة) أي سترة وترسا يدفعون بها عن نفوسهم التهمة والظنة إذا ظهرت منهم الريبة. والاتخاذ: جعل الشي ء عدة...فهؤلاء جعلوا الإيمان عدة ليدفعوا بها عن نفوسهم الظنة.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

{اتخذوا أيمانهم جنة} معناه: اتقوا بأيمانهم كما يتقي المحارب بجنته، وهي ترسه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

فإنهم كانوا يثبطون من لقوا عن الدخول في الإسلام ويوهنون أمره ويحقرونه، ومن رآهم قد خلصوا من المكاره بأيمانهم الحانثة وردت عليهم الأرزاق استدراجاً وحصلت لهم الرفعة عند الناس بما يرضونهم من أقوالهم المؤكدة بالأيمان، غره ذلك فاتبع سنتهم في أقوالهم وأفعالهم، ونسج على منوالهم، غروراً بظاهر أمرهم، معرضاً عما توعدهم الله سبحانه عليه من جزاء خداعهم ومكرهم، وأجرى الأمر على أسلوب التهكم باللام التي تكون في المحبوب فقال: {فلهم} أي فتسبب عن صدهم أنهم كان لهم {عذاب مهين} جزاء بما طلبوا بذلك الصد إعزاز أنفسهم وإهانة أهل الإسلام.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وقد وصف العذاب أول مرة بشديد وهو الذي يجازون به على تولّيهم قوماً غَضِب الله عليهم وحلفهم على الكذب. ووصف عذابهم ثانياً ب {مهين} لأنه جزاء على صَدّهم النّاس عن سبيل الله. وهذا معنى شديد العذاب لأجل عظيم الجرم...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

{ اتخذوا أيمانهم } الكاذبة { جنة } يستجنون بها من القتل .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

{ اتخذوا أيمانهم جنة } يستَجِنُّونَ بها من القتل . وقرأ الحسن وأبو العالية { إيمانهم } بكسر الهمزة هنا وفي " المنافقون{[14795]} " . أي إقرارهم اتخذوه جنة ، فآمنت ألسنتهم من خوف القتل ، وكفرت قلوبهم{ فلهم عذاب مهين } في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالنار . والصد المنع { عن سبيل الله } أي عن الإسلام . وقيل : في قتلهم بالكفر لما أظهروه من النفاق . وقيل : أي بإلقاء الأراجيف وتثبيط المسلمين عن الجهاد وتخويفهم .


[14795]:راجع جـ 18 ص 123.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

ولما دلت هذه الجملة على سوء أعمالهم{[63435]} ومداومتهم عليها ، أكد ذلك بقوله : { اتخذوا } أي كلفوا فطرهم الأولى المستقيمة لما لهم من العراقة في اعوجاج الطبع والمحبة للأذى{[63436]} ، { أيمانهم } الكاذبة التي لا تهون على من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ، { جنة } أي وقاية وسترة من كل ما يفضحهم من النفاق كائناً ما كان ، أو يوجب قتلهم بما يقع منهم من الكفران .

ولما كان علمهم بأنه يرضى منهم بالظاهر ويصدق أيمانهم {[63437]}هو الذي{[63438]} جرأهم على العظائم ، فكانوا يرغبون الناس في النفاق بعاجل الشهوات ويثبطونهم{[63439]} عن الدين بما فيه من عاجل الكلف{[63440]} وآجل الثواب ، سبب عن{[63441]} قبول إيمانهم قوله مظهراً بزيادة التوبيخ لهم{[63442]} ، { فصدوا } أي كان قبول ذلك منهم وتأخير عقابهم سبباً لإيقاعهم الصد { عن سبيل الله } أي شرع الملك{[63443]}الأعلى الذي هو الطريق إلى رضوانه الذي هو سبب الفوز الأعظم ، فإنهم كانوا يثبطون من لقوا عن الدخول في الإسلام ويوهنون أمره ويحقرونه ، ومن رآهم قد خلصوا من{[63444]} المكاره بأيمانهم الحانثة و{[63445]}ردت عليهم الأرزاق استدراجاً وحصلت لهم الرفعة عند الناس بما يرضونهم من أقوالهم المؤكدة بالأيمان ، غره ذلك فاتبع سنتهم في أقوالهم وأفعالهم ، ونسج على منوالهم ، غروراً بظاهر أمرهم ، معرضاً عما توعدهم الله سبحانه عليه من جزاء خداعهم ومكرهم ، وأجرى الأمر على أسلوب التهكم باللام التي تكون في المحبوب فقال : { فلهم } أي فتسبب عن صدهم أنهم كان لهم{ عذاب مهين * }جزاء بما طلبوا بذلك{[63446]} الصد{[63447]} إعزاز أنفسهم{[63448]} وإهانة أهل{[63449]} الإسلام .


[63435]:- من ظ وم، وفي الأصل: حالهم.
[63436]:- من ظ وم، وفي الأصل: في الأذى.
[63437]:- من ظ وم، وفي الأصل: الذي هو.
[63438]:- من ظ وم، وفي الأصل: الذي هو.
[63439]:- من ظ وم، وفي الأصل: يثبطون.
[63440]:- في ظ: الكلفة.
[63441]:- من م، وفي الأصل وظ: عنه.
[63442]:- زيد من ظ وم.
[63443]:- من م، وفي الأصل وظ: ملك.
[63444]:- من ظ وم، وفي الأصل: عن.
[63445]:- زيد من م.
[63446]:- من ظ وم، وفي الأصل: ذلك.
[63447]:- من ظ وم، وفي الأصل: اعزازا لأنفسهم.
[63448]:- من ظ وم، وفي الأصل: اعزازا لأنفسهم.
[63449]:من ظ و م، وفي الأصل: لأهل.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (16)

قوله : { اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله } الجنة ، بمعنى السترة{[4490]} يعني اتخذ المنافقون من إظهارهم الإسلام وحلفهم الأيمان الكاذبة الفاجرة ستارا يستترون به لينجوا من القتل ، وليصدوا الناس عن دين الله بما يثيرونه من الأراجيف والأكاذيب والظنون . وهم يبتغون بذلك منع الناس من دخول الإسلام وليفتنوا المسلمين عن دينهم ويثنوهم عن موالاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد اغتر بهم بعض المسلمين وافتتنوا بهم من كثرة ما أثاروه من الإشاعات الكاذبة المضللة لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرد المسلمين إلى جادة الحق بما يتنزل عليه من وحي من السماء .

قوله : { فلهم عذاب مهين } أعد الله لهم عذاب جهنم يوم القيامة حيث الهون والذل والنكال .


[4490]:أساس البلاغة ص 102.